للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانتزى خوارج البربر على الجهات فملكوها، واجتمعت الصفرية من مكناسة بناحية المغرب منه أربعين ومائة، وقدموا عليهم عيسى بن يزيد الأسود، وأسسوا مدينة سجلماسة ونزلوها، وقدم محمد بن الأشعث واليا على إفريقية من أبي جعفر المنصور فزحف إليه أبو الخطاب ولقيه بسرت، فهزموا ابن الأشعث وقتل البربر ببلاد ريفا [١] وفر عبد الرحمن بن رستم من القيروان إلى تاهرت بالمغرب الأوسط، واجتمعت إليه طوائف البربر الإباضية من لماية ولواتة ورجالة ونفزاوة فنزل بها، واختط مدينتها سنة أربع وأربعين ومائة وضبط ابن الأشعث إفريقية وخافه البربر.

ثم انتقل بنو يفرن من زناتة ومغيلة من البربر بنواحي تلمسان، وقدموا على أنفسهم أبا قرة من بني يفرن، ويقال إنه من مغيلة وهو الأصح في شأنه، وبويع له بالخلافة سنة ثمان وأربعين ومائة. وزحف إليه الأغلب بن سود التميمي عامل طبنة، فلما قرب منه هرب أبو قرة، فنزل الأغلب الزاب. ثم اعتزم على تلمسان ثم طنجة، ورجع إليه الجند فرجع. ثم انتقض البربر من بعد ذلك أيام عمرو بن حفص من ولد قبيصة ابن أبي صفرة أخي المهلب. وكان تغلب هوارة منذ سنة إحدى وخمسين ومائة [٢] واجتمعوا بطرابلس، وقدموا عليهم أبا حاتم يعقوب بن حبيب بن مرين [٣] بن تطوفت من أمراء مغيلة، ويسمى أبا قادم. وزحفت إليهم جنود عمر بن حفص فهزموها وملكوا طرابلس، وزحفوا إلى القيروان فحاصروها. ثم زحف البرابرة من الجانب الآخر بجنود عمر بطبنة في اثني عشر معسكرا. وكان منهم أبو قرة في أربعين ألفا من الصفرية وعبد الرحمن بن رستم في ستة آلاف من الإباضية، والمسور بن هانئ في عشرة آلاف كذلك، وجرير بن مسعود فيمن تبعه من مديونة، وعبد الملك ابن سكرديد الصنهاجي في ألفين منهم من الصفرية. واشتد الحصار على عمر بن حفص فأعمل الحيلة في الخلاف بين جماعتهم. وكان بنو يفرن من زناتة أكثر البرابرة يومئذ جمعا، وأشدّهم قوة، فصالح أبو قرة زعيمهم على أربعين ألفا وأعطى ابنه في إتمام ذلك أربعة آلاف، وافترقوا وارتحلوا عن طبنة. ثم بعث بعثا إلى ابن رستم فهزمه، ودخل تاهرت مفلولا، وزحف عمر بن حفص إلى أبي حاتم والبربر


[١] وفي نسخة أخرى: وقتل البربر قتلا ذريعا.
[٢] وفي نسخة أخرى: وكان يلقب هزارمرد سنة احدى وخمسين.
[٣] وفي نسخة أخرى: مدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>