حنظلة عليها سنة ست وعشرين ومائة فعادت هيف إلى أديانها، واستشرى داء البربر وأعضل أمر الخارجية ورءوسها، فانتقضوا من أطراف البقاع، وتواثبوا على الأمر بكل ما كان داعين إلى بدعتهم. وتولى كبر ذلك يومئذ صنهاجة، وتغلب أميرهم ثابت بن وزيدون وقومه على باجة، وثار معه عبد الله بن سكرديد من أمرائهم فيمن تبعه.
وثار بطرابلس عبد الجبار والحرث من هوارة، وكانا يدينان برأي الإباضية فقتلوا عامل طرابلس بكر بن عيسى القيسي لما خرج إليهم يدعوهم إلى الصلح، وبقي الأمر على ذلك مدة، وثار إسماعيل بن زياد في قتل البربر. وأثخن فيهم وزحف إلى تلمسان سنة خمس وثلاثين ومائة فظفر بها ودوخ المغرب وأذل من كان فيه من البربر. ثم كانت بعد ذلك فتنة وربجومة [١] وسائر قبائل نفزاوة سنة أربعين ومائة، وذلك لما انحرف عبد الرحمن بن حبيب عن طاعة أبي جعفر وقتله أخواه إلياس وعبد الوارث، فولي مكانه ابنه حبيب، وطالبهما بثأر أبيه فقتل إلياس ولحق عبد الوارث بوربجومة فأجاره أميرهم عاصم بن جميل، وتبعه على شأنه يزيد بن سكوم أمير ولهاصة واجتمعت لهم كلمة نفزاوة ودعوا لأبي جعفر المنصور، وزحفوا إلى القيروان ودخلوها عنوة، وفر حبيب بن قابس فأتبعه عاصم في نفزاوة وقبائلهم.
وولي على القيروان عبد الملك بن أبي الجعد النغزي، ثم انهزم حبيب إلى أوراس، واتبعه عاصم، فاعترضه عبد الملك بن أبي الجعد وجموع نفزاوة الذين كانوا بالقيروان وقتلوه واستولت وربجومة على القيروان وسائر إفريقية، وقتلوا من كان بها من قريش وربطوا دوابهم بالمسجد الجامع، واشتد البلاء على أهل القيروان وأنكرت ذلك من فعل وربجومة ومن إليهم من نفزاوة برابرة طرابلس الإباضية من هوارة وزنانة فخرجوا واجتمعوا إلى أبي الخطاب عليها واجتمع إليه سائر البربر الذين كانوا هنالك من زناتة وهوارة وزحف بهم إلى القيروان فقتل عبد الملك بن أبي الجعد وسائر وربجومة ونفزاوة، واستولى على القيروان سنة إحدى وأربعين ومائة ثم ولي على القيروان عبد الرحمن بن رستم وهو من أبناء رستم أمير فارس بالقادسية، كان من موالي العرب ومن رءوس هذه البدعة. ورجع أبو الخطاب إلى طرابلس واضطرم المغرب نارا،
[١] وفي النسخة التونسية: ورفجومة وقد مرت معنا من قبل.