للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبيه، ودامت الحرب بينهما ثلاث سنين. وكانت لأبيهما مدرار صاغية إلى ابن أروى فمال معه حتى غلب أخاه فأخذه وأخرجه عن سجلماسة. ولم يلبث أن خلع أباه واستبد بأمره، ثم ساءت سيرته في قومه ومدينته، فخلعوه وصار الى درعة وأعادوا مدرارا الى أمره. ثم حدّث نفسه بإعادة ابنه ميمون ابن الرستميّة إلى إمارته بصاغية إليه فخلعوه ورجعوا ابنه ميمونا بن التقي، وكان يعرف بالأمير.

ومات مدرار إثر ذلك سنة ثلاث وخمسين ومائتين لخمس وأربعين من ملكه، وأقام ابنه ميمون في استبداده إلى أن هلك سنة ثلاث وستين ومائتين وولي ابنه محمد، وكان أباضيّا وتوفي سنة سبعين ومائتين فولي اليسع بن المنتصر، وقام بأمره ولحق عبيد الله الشيعي وابنه وأبو القاسم بسلجماسة لعهده. وأوعد المعتضد إليه في شأنهما، وكان على طاعته، فاستراب بهما وحبسهما إلى أن غلب الشيعي بني الأغلب، وملك رقادة، فزحف إليه لاستخراج عبيد الله وابنه من محبسه، وخرج إليه اليسع في قومه مكناسة فهزمه أبو عبد الله الشيعي، واقتحم عليه سجلماسة وقتله سنة ست وتسعين ومائتين واستخرج عبيد الله وابنه من محبسهما وبايع لهما. وولّى عبيد الله المهديّ على سجلماسة إبراهيم بن غالب المراسي [١] من رجالات كتامة، وانصرف إلى إفريقية.

ثم انتقض أمراء سجلماسة على واليهم إبراهيم فقتلوه ومن كان معه من كتامة سنة ثمان وتسعين ومائتين وبايعوا الفتح بن ميمون الأمير ابن مدرار ولقبه واسول، وميمون ليس هو ابن المتقي [٢] الّذي تقدّم ذكره وكان أباضيا. وهلك قريبا من ولايته لرأس المائة الثالثة، فولي أخوه أحمد واستقام أمره إلى أن زحف مصالة بن حبّوس في جموع كتامة ومكناسة إلى المغرب سنة تسع وثلاثمائة، فدوّخ المغرب وأخذهم بدعوة صاحبه عبيد الله المهدي. وافتتح سجلماسة وتقبّض على صاحبها أحمد بن ميمون بن مدرار وولّى عليها ابن عمّه المعتز بن محمد بن ساور [٣] بن مدرار، فلم يلبث أن استبد وبلغها المعتز، وهلك سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة قبيل ملك المهدي، وولي من بعده ابنه أبو المنتصر محمد بن المعتز فمكث عشرا.

ثم هلك وولي من بعده ابنه المنتصر سمكو شهرين، وكانت جدّته تدبّر أمره لصغره.


[١] وفي نسخة ثانية: المزاتي.
[٢] وفي النسخة التونسية: وميمون أبوه، هو ابن التقي.
[٣] وفي نسخة أخرى: بسّاور.

<<  <  ج: ص:  >  >>