للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ثار عليه ابن عمّه محمد بن الفتح بن ميمون الأمير وتغلّب عليه، وشغب عليه [١] بنو عبيد الله لفتنة ابن أبي العافية وتاهرت، ثم نقلته إلى أبي يزيد بعدهما فدعا محمد ابن الفتح لنفسه مموّها بالدعوة لبني العبّاس. وأخذ بمذاهب أهل السنّة ورفض الخارجيّة، ولقّب الشاكر باللَّه، واتخذ السكة باسمه ولقبه. وكانت تسمّى الدراهم الشاكريّة. كذا ذكره ابن حزم وقال فيه: وكان في غاية العدل حتى إذا فزع له بنو عبيد وحمت الفتنة [٢] زحف جوهر الكاتب أيام المعز لدين الله في جموع كتامة وصنهاجة وأوليائهم إلى المغرب سنة سبع وأربعين وثلاثمائة فغلب على سجلماسة وملكها.

وفرّ محمد بن الفتح إلى حصن تاسكرات على أميال من سجلماسة وأقام به.

ثم دخل سجلماسة متنكرا فعرفه رجل من مضغرة وأنذر به، فتقبّض عليه جوهر، وقاده أسيرا إلى القيروان مع أحمد بن بكر صاحب فاس كما نذكره، وقفل إلى القيروان، فلما انتقض المغرب على الشيعة، وفشت بدعة الأمية [٣] وأخذ زناتة بطاعة الحكم المنتصر، ثار بسلجماسة قائم من ولد الشاكر وباهي [٤] المنتصر باللَّه. ثم وثب عليه أخوه أبو محمد سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة فقتله، وقام بالأمر مكانه. وتلقّب المعتز باللَّه.

وأقام على ذلك مدّة وأمر مكناسة يومئذ قد تداعى إلى الانحلال، وأمر زناتة قد استفحل بالمغرب عليهم إلى أن زحف حرزون [٥] بن فلفول من ملوك مغراوة إلى سجلماسة سنة ست وستين وثلاثمائة وأبرز إليه أبو محمد المعتز فهزمه حرزون وقتله، واستولى على بلده وذخيرته، وبعث برأسه إلى قرطبة مع كتاب الفتح. وكان ذلك لأوّل حجابة المنصور بن أبي عامر، فنسب إليه واحتسب له لحدا بقبة [٦] ، وعقد لحرزون على سجلماسة، فأقام دعوة هشام بأنحائها فكانت أوّل دعوة أقيمت لهم بالأمصار في المغرب الأقصى، وانقرض أمر بني مدرار ومكناسة من المغرب أجمع


[١] وفي النسخة التونسية: وشغل عنه بنو عبيد الله بفتنة ابن أبي العافية
[٢] وفي النسخة التونسية: حتى إذا فزع له بنو عبيد من الفتن.
[٣] وفي النسخة التونسية: وفشت دعوة الأموية- وهذا أصح-
[٤] وفي النسخة التونسية: باهي وتلقب بالمنتصر باللَّه.
[٥] وفي نسخة ثانية: خزرون.
[٦] وفي نسخة ثانية: واحتسب له جدّا ويمن نقيبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>