للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد هدم سورها فأصلحه الناصر، وعقد على قسنطينة لأخيه بلباز، وعلى الجزائر وسوس الدجاج [١] لابنه عبد الله وعلى أشير لابنه يوسف، وكتب إليه حمّو بن مليك البرغواطي من صفاقس بالطاعة وبعث إليه بالهدية. ووفد عليه أهل قسنطينة [٢] ومقدّمهم يحيى بن واطاس فأعلنوا بطاعته، وأجزل صلتهم وردّهم إلى أماكنهم، وعقد عليها ليوسف بن خلوف من صنهاجة ودخل أهل القيروان أيضا في طاعته وكذلك أهل تونس.

وكان أهل بسكرة لما قتل بلكّين مقدّمهم جعفر بن أبي رمّان خلعوا طاعة آل حمّاد واستبدّوا بأمر بلدهم، وعليهم بنو جعفر، فسرّح الناصر إليهم خلف بن أبي حيدرة وزيره ووزير بلكّين قبله، فنازلها وافتتحها عنوة، واحتمل بني جعفر في جماعة من رؤسائها إلى القلعة فقتلهم الناصر وصلبهم، ثم قتل خلف بن أبي حيدرة بسعاية رجالات صنهاجة فيه، أنه لما بلغه خبر بلكّين أراد تولية أخيه معمّر، وشاورهم في ذلك، فقتله الناصر وولّى مكانه أحمد بن جعفر بن أفلح.

ثم خرج الناصر ليتفقّد المغرب فوثب علي بن ركان على تافر بوست [٣] دار ملكهم وكان لما قتل بلكين هرب الى إخوانه من عجيسة واهتبلوا الغرّة في تافر بوست لغيبة الناصر، فطرقوها ليلا، وملكها عليّ فرجع الناصر من المسيلة وعاجلهم فسقط في أيديهم، وافتتحها عليهم عنوة وذبح علي بن ركان نفسه بيده. ثم وقعت بين العرب الهلاليين فتن وحروب ووفد عليه رجالات الأثبج صريخا به على رياح، فأجابهم ونهض إلى مظاهرتهم في جموعه من صنهاجة وزناتة حتى نزل للأربس، وتواقعوا بسببه فغدرت بهم زناتة وجرّوا عليه وعلى قومه الهزيمة بدسيسة ابن المعز بن زيري بن عطية، وإغراء تميم بن المعز فانهزم الناصر، واستباحوا خزائنه ومضاربه، وقتل أخوه القاسم وكاتبه، ونجا إلى قسنطينة في اتباعه.

ثم لحق بالقلعة في فلّ من عسكره، لم يبلغوا مائتين. وبعث وزيره ابن أبي الفتوح للإصلاح، فعقد بينهم وبينه صلحا وتمّمه الناصر. ثم وفد عليه رسول تميم، وسعى عنده بالوزير بن أبي الفتوح وأنه مائل إلى تميم فنكسه وقتله. وكان المستنصر بن


[١] وفي نسخة أخرى: مرسى الدجاج.
[٢] وفي النسخة التونسية: قسطيلة.
[٣] وفي النسخة التونسية تاقريوست وفي قبائل المغرب تغرسيت ص ٣٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>