للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خزرون الزناتي خرج في أيام الفتنة بين الترك والمغاربة بمصر، ووصل إلى طرابلس فوجد بني عديّ بها قد أخرجهم الأثبج وزغبة من إفريقية كما ذكرناه، فرغّبهم في بلاد المغرب، وسار بهم حتى نزل المسيلة، ودخلوا أشير. وخرج إليه الناصر ففرّ إلى الصحراء ورجع، فرجع إلى مكانه من الإفساد، فراسله الناصر في الصلح فأسعفه، وأقطعه ضواحي الزاب وريغه، وأوعز إلى عروس بن هندي [١] رئيس بسكرة لعهده، وولي دولته أن يمكر به، فوصل المنتصر إلى بسكرة وخرج إليه عروس ابن هندي وأحمد نزله، وأشار على حشمه عند انكباب المنتصر وذويه على الطعام فبادروا مكبين لطعنه، وفرّ أتباعه وأخذوا رأسه، وبعث به إلى الناصر فنصبه ببجاية، وصلب شلوه بالقلعة وجعلوه عظة لغيره. وقتل كثير من رؤساء زناتة، فمن مغراوة أبي الفتوح بن حبوس أمير بني سنجلس، وكانت له بلد لمديه والمرية قبيل من بطون صنهاجة سميت البلد بهم، وقتل معنصر بن حمّاد منهم أيضا، وكان بناحية شلّف فأجلب على عامل مليانه، وقتل شيوخ بني ورسيفان من مغراوة، فكاتبهم السلطان لما كان مشتغلا عنهم بشأن العرب. فزحفوا إلى معنصر وقتلوه، وبعثوا برأسه إلى الناصر فنصبه مع رأس المستنصر [٢] . وبعث إليه أهل الزاب أنّ عمر [٣] ومغراوة ظاهروا الأثبج من العرب على بلادهم، فبعث ابنه المنصور في العساكر ونزل وعلان [٤] بلد المنتصر بن خزرون [٥] وهدمها. وبعث سراياه وجيوشه إلى بلد واركلا وولّى عليها، وقفل بالغنائم والسبي، وبلغه عن بني توجين من زناتة أنهم ظاهروا بني عدي من العرب على الفساد وقطع السبيل، وأميرهم إذ ذاك مناد بن عبد الله، فبعث ابنه المنصور إليهم بالعسكر، وتقبّض على أمير بني توجين وأخيه زيري وعمّهما الأغلب وحمامة، وأحضرهم فوبّخهم وقدر عليهم فغلبه في إجارتهم من أولاد القاسم رؤساء بني عبد الواد، وقتلهم جميعا على الخلاف.

وفي سنة ستين وأربعمائة افتتح جبل بجاية، وكان له قبيل من البربر يسمّون بهذا الاسم، إلّا أنّ الكاف فيهم بلغتهم ليست كافا بل هي بين الجيم والكاف، وعلى هذا


[١] وفي النسخة التونسية: سندي.
[٢] وفي نسخة أخرى: فنصبه على رأس القصر.
[٣] وفي النسخة الباريسية: عمرت. وفي النسخة التونسية: غمرت.
[٤] وفي النسخة التونسية: وغلان.
[٥] هو المستنصر بن خزرون.

<<  <  ج: ص:  >  >>