للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وولي يوسف بن تاشفين مكان أخيه تاشفين بن يغمر، فنهض إلى أشير وافتتحها، فقام المنصور في ركائبه ومعه كافة صنهاجة [١] . ومن العرب أحياء الأثبج وزغبة وربيعة، وهم العقل من زناتة أمما كثيرة، ونهض إلى غزو تلمسان سنة ست وسبعين وأربعمائة في نحو عشرين ألفا. ولقي اسطقسه [٢] وبعث العسكر في مقدّمته، وجاء على أثرهم. وكان تاشفين قد أفرج عن تلمسان وخرج إلى تسأله، ولقيته عساكر المنصور فهزموه، ولجأ إلى جبل الصخرة. وعاثت عساكر المنصور في تلمسان فخرجت إليه حوا زوجة تاشفين أميرهم متذممة راغبة في الإبقاء، متوسلة بوشائح الصنهاجية، فأكبر قصدها إليه وأكرم موصلها، وأفرج عنهم صبيحة يومه. وانكفأ راجعا إلى حضرته بالقلعة. وأثخن بعدها في زناتة وشرّدهم بنواحي الزاب والمغرب الأوسط. ورجع إلى بجاية وأثخن في نواحيها، ودوّخت عساكره قبائلها، فساروا في جبالها المنيعة مثل بني عمران وبني تازروت [٣] والمنصورية والصهريج والناظور [٤] وحجر المعزّ، وقد كان أسلافه يرومون كثيرا عنها، فتمنع عليهم فاستقام أمره واستفحل ملكه.

وقدم عليه معز الدولة بن صمادح من المريّة فارا أمام المرابطين لما ملكوا الأندلس، فنزل على المنصور وأقطعه تدلس وأنزله بها. وهلك سنة ثمان وتسعين وأربعمائة فولي من بعده ابنه باديس، فكان شديد البأس عظيم النظر فنكب عبد الكريم بن سليمان وزير أبيه لأوّل ولايته، وخرج من القلعة إلى بجاية فنكب سهاما عامل بجاية.

وهلك قبل أن يستكمل سنة، وولي من بعده أخوه العزيز. وقد كان عزله عن الجزائر وغرّبه إلى جيجل فبعث عنه القائد علي بن حمدون فوصل، وبايعوه، وصالح زناتة وأصهر إلى ماخوخ فأنكحه ابنته. وطال أمر ملكه، وكانت أيامه هدنة وأمنا. وكان العلماء يتناظرون في مجلسه.

ونازلت أساطيله جربة فنزلوا على حكمه وأخذوا بطاعته، ونازل تونس وصالحه صاحبها أحمد بن عبد العزيز وأخذ بطاعته، وكبس العرب في أيامه القلعة وهم


[١] وفي النسخة التونسية: فقام المنصور في ركائبه وقعد واستنفر كافة صنهاجة.
[٢] وفي نسخة اخرى: اسطقسيف.
[٣] وفي النسخة الباريسية: بازروت وفي النسخة التونسية يازروت.
[٤] وفي النسخة الباريسية: والهريج والناطور وفي التونسية: والصهريج والباطور

<<  <  ج: ص:  >  >>