مصرا واحدا، وأدار عليها الأسوار وحمل أهلها على الاستكثار من المساجد، ورتّب بناءها، وارتحل سنة ثلاث وستين وأربعمائة إلى وادي ملوية، فافتتح بلادها وحصون وطاط من نواحيها. ثم نهض سنة خمس وستين وأربعمائة إلى مدينة الدمنة فافتتحها عنوة، ثم افتتح حصن علودان من حصون غمارة. ثم نهض سنة سبع وستين وأربعمائة إلى جبال غياثة وبني مكود من أحواز تازا فافتتحها ودوّخها، ثم اقتسم المغرب عمالات على بنيه وأمراء قومه وذويه، ثم استدعاه المعتمد بن عبّاد إلى الجهاد فاعتذر له بمكان الحاجب سكوت البرغواطي وقومه من أولياء الدولة الحمّوديّة بسبتة، فأعاد إليه ابن عبّاد الرسل بالمشايعة إليهم، فجهّز إليهم قائده صالح بن عمران في عساكر لمتونة، فلقيه سكوت الحاجب بظاهر طنجة في قومه ومعه ابنه ضياء الدولة، فانكشف وقتل الحاجب سكوت ولحق ابنه العزيز ضياء الدولة. وكتب صالح بن عمران بالفتح إلى يوسف بن تاشفين، ثم أغزى الأمير يوسف بن تاشفين إلى المغرب الأوسط سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة قائده مزدلى بن تبلكان [١] بن محمد بن وركوت من عشيرة في عساكر لمتونة لمحاربة مغراوة ملوك تلمسان، وبها يومئذ الأمير العبّاس بن بختي من ولد يعلى بن محمد بن الخير بن محمد بن خزر، فدوّخوا المغرب الأوسط وصاروا في بلاد زناتة، وظفروا بيعلى ابن الأمير العبّاسي فقتلوه، وانكفأوا راجعين من غزاتهم.
ثم نهض يوسف بن تاشفين سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة بعدها إلى الريف وافتتح كرسيف ومليلة وسائر بلاد الريف وخرّب مدينة نكور فلم تعمّر بعده ثم نهض في عساكره المرابطين إلى بلاد المغرب الأوسط فافتتح مدينة وجده وبلاد بني يزتاسن ثم افتتح مدينة تلمسان واستلحم من كان بها من مغراوة، وقتل العبّاس بن بختي أمير تلمسان وأنزل محمد بن تيغمر المستوفي بها في عساكر المرابطين، فصارت ثغرا لملكه. ونزل بعساكره واختطّ بها مدينة تاكرارت بمكان محلته، وهو اسم المحلّة بلسان البربر. ثم افتتح مدينة تنس ووهران وجبل وانشريس إلى الجزائر، وانكفأ راجعا إلى المغرب فاحتلّ مراكش سنة خمس وسبعين وأربعمائة ولم يزل محمد بن تيغمر واليا بتلمسان إلى أن هلك، وولي بعده أخوه تاشفين
[١] وفي النسخة الباريسية: ملنكان وفي التونسية تيلنكان.