للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عسكرا وملك بلنسية، وقتل ابن ذي النون وذلك سنة خمس وثمانين وأربعمائة، وانتهى الخبر إلى الطاغية فنازل بلنسية واتصل حصاره إيّاها إلى أن ملكها سنة خمس وثمانين وأربعمائة، ثم استخلصتها عساكر المرابطين، وولّى عليها يوسف بن تاشفين الأمير مزدلي، وأجاز يوسف بن تاشفين ثانية سنة ست وثمانين وأربعمائة وتثاقل أمراء الطوائف عن لقائه لما أحسّوا من نكيره عليهم لما يسمون به عليهم من الظلامات والمكوس وتلاحق المغارم، فوجد عليهم، وعهد برفع المكوس وتحرّى المعدلة، فلما أجاز انقبضوا عنه إلّا ابن عبّاد فإنه بادر إلى لقائه وأغراه بالكثير منهم، فتقبّض على ابن رشيق فأمكن ابن عبّاد منه العداوة التي بينهما. وبعث جيشا إلى المريّة ففرّ عنها ابن صمادح ونزل على المنصور بن الناصر ببجاية، وتوافق ملوك الطوائف على قطع المدد عن عساكره ومحلاته فساء نظره، وأفتاه الفقهاء وأهل الشورى من المغرب والأندلس بخلعهم وانتزاع الأمر من أيديهم، وصارت إليه بذلك فتاوى أهل الشرق الأعلام مثل: الغزالي والطرطوشي، فعهد إلى غرناطة واستنزل صاحبها عبيد الله بن بلكّين بن باديس وأخاه تميما من مالقة بعد أن كان منهما مداخلة الطاغية في عداوة يوسف بن تاشفين، وبعث بهما إلى المغرب فخاف ابن عبّاد عند ذلك منه وانقبض عن لقائه وفشت السعايات بينهما. ونهض يوسف بن تاشفين إلى سبتة فاستقر بها، وعقد للأمير سير بن أبي بكر بن محمد وركوت على الأندلس وأجازه فقدم عليها، وقعد ابن عبّاد عن تلقّيه ومبرّته فأحفظه ذلك، وطالبه بالطاعة للأمير يوسف والنزول عن الأمر، ففسد ذات بينهما، وغلبه على جميع عمله.

واستنزل أولاد المأمون من قرطبة ويزيد الرائض من رندة وقرمونة واستولى على جميعها وقتلهم. وصمد إلى إشبيليّة فحاصر المعتمد بها وضيّق عليه، واستنجد الطاغية فعمد الى استنقاذه من هذا الحصار، فلم يغن عنه شيئا، وكان دفاع لمتونة مما فتّ في عضده، واقتحم والمرابطون إشبيليّة عليه عنوة سنة أربع وثمانين وأربعمائة وتقبّض على المعتمد وقاده أسيرا إلى مراكش، فلم يزل في اعتقال يوسف بن تاشفين إلى أن هلك في محبسه بأغمات سنة سبعين وأربعمائة [١] ثم عمد إلى بطليوس وتقبّض على صاحبها


[١] قبض على المعتمد بن عباد سنة ٤٨٤ وحبس في مراكش فكيف يكون توفي سنة ٤٧٠ ولعل هذا الخطأ خطأ الناسخ والصحيح أنه توفي سنة ٤٩٠ كما هو معروف في كتب التاريخ. وفي النسخة التونسية ٤٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>