ابن الزبرتير وركبوا البحر في اثنتين وثلاثين قطعة من أساطيلهم وأسطوله، وركب معه إخوته يحيى وعبد الله والغازي، وولي على ميورقة عمّه أبا الزبير، وأقلعوا إلى بجاية فطرقوها على حين غفلة من أهلها، وعليها السيد أبو الربيع بن عبد الله بن عبد المؤمن، وكان بايميلول من خارجها في بعض مذاهبه، فلم تمانعه أهل البلد واستولوا عليها في صفر سنة إحدى وثمانين وخمسمائة واعتقلوا بها السيد أبا موسى بن عبد المؤمن، كان قافلا من إفريقية يؤم المغرب واكتسحوا ما كان بدار السادة والموحّدين.
وكان والي القلعة قاصدا مراكش وهو يستخبر خبر بجاية، فرجع وظاهر السيد أبا الربيع، وزحف إليهما علي بن غانية فهزمهما واستولى على أموالهما، وأسريا ولحقا بتلمسان فنزلا بها على السيد أبي الحسن بن أبي حفص بن عبد المؤمن، وأخذ في تحصين تلمسان ورمّ أسوارها، وأقاما عند السيد يرومان الكرّة من صاحب تلمسان.
وعاث عليّ بن محمد بن غانية في الأموال وفرّقها في ذؤبان العرب ومن انضاف إليهم، ورحل إلى الجزائر فافتتحها، وولّى عليها يحيى بن أبي طلحة. ثم افتتح مازونة وانتهى إلى مليانة فافتتحها، وولّى عليها بدر بن عائشة. ثم نهض إلى القلعة فحاصرها ثلاثا ودخلها عنوة، وكانت في المغرب خطة مشهورة. ثم قصد قسنطينة فامتنعت عليه واجتمعت إليه وفود العرب فاستنجدهم وجاءوا بأحلافهم. ولما اتصل الخبر بالمنصور وهو بسبتة مرجعه من الغزو، سرّح العساكر في البرّ لنظر السيد أبي زيد بن أبي حفص بن عبد المؤمن، وعقد له على المغرب الأوسط، وبعث الأساطيل الى البحر وقائدها أحمد الصقلّي وعقد عليها لأبي محمد بن إبراهيم بن جامع، وزحفت العساكر من كل جهة فثار أهل الجزائر على يحيى بن أبي طلحة ومن معه، وأمكنوا منهم السيد أبا يزيد فقتلهم على شلف، وعفا عن يحيى لنجدة عمه طلحة، وكان بدر بن عائشة أسرى من مليانة واتبعه الجيش فلحقوه أمام العدو، فتقبّضوا عليه بعد قتال مع البرابرة حين أرادوا إجارته، وقادوه إلى السيد أبي يزيد فقتله. وسبق الأسطول إلى بجاية فثار بيحيى بن غانية وفرّ إلى أخيه عليّ لمكانه من حصار قسنطينة بعد أن كان أخذ بمخنقها. ونزل السيد أبو زيد بعساكره بتكلات من ظاهر بجاية، وأطلق السيد أبا موسى من معتقله. ثم رحل في طلب العدو فأفرج عن قسنطينة بعد أن كان أخذ ومضى شديدا في الصحراء، والموحّدون في اتباعه حتى انتهوا إلى مغرة ونغارس. ثم نقلوا إلى بجاية واستنفر السيد أبا زيد بها وقصد علي