للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن غانية في قفصة فملكها، ونازل بورق وقسطيلية فامتنعت وارتحل إلى طرابلس وفيها قراقش الغزي المطغري، وكان من خبره على ما نقل أبو محمد التيجاني في كتاب رحلته: أنّ صلاح الدين صاحب مصر بعث تقي الدين ابن أخيه شاه إلى المغرب لافتتاح ما أمكنه من المدن تكون له معقلا يتحصّن فيه من مطالبة نور الدين محمود بن زنكي صاحب الشام الّذي كان صلاح الدين عمّه من وزرائه. واستعجلوا النصر [١] فخشوا عاديته. ثم رجع تقي الدين من طريقه لأمر عرض له ففرّ قراقش الأرمني بطائفة من جنوده. وفرّ إبراهيم بن قراتكين سلاح دار المعظّم نسبة للملك المعظّم شمس الدولة بن أيوب أخي صلاح الدين. فأمّا قراقش فلحق ششرية [٢] وافتتحها وذلك سنة ست وثمانين وخمسمائة وخطب فيها لصلاح الدين ولاستاذه تقي الدين. وكتب لهما بفتح زويلة وغلبه بني خطاب الهواري على ملك فزّان وكانت ملكا لعمّه محمد بن الخطّاب بن يصلتن بن عبد الله بن صنغل بن خطّاب وهو آخر ملوكهم، وكانت قاعدة ملكه زويلة. وتعرف زويلة ابن خطّاب فتقبّض عليه وغلبه على المال حتى هلك، ولم يزل يفتح البلاد إلى أن وصل طرابلس واجتمع عليه عرب دياب بن سليم. ونهض بهم إلى جبل نفوسة فملكه واستخلص أموال العرب، واتصل به مسعود بن زمام شيخ الزواودة [٣] من رياح عند مفرّة من المغرب كما ذكرناه. واجتمعت أيديهم على طرابلس وافتتحها واجتمع إليه ذؤبان العرب من هلال وسليم، وفرض لهم العطاء واستبدّ بملك طرابلس وما وراءها. وكان قراقش من الأرمن وكان يقال له المعظّمي والناصري لأنه يخطب للناصر صلاح الدين.

وكان يكتب في ظهائره ولي أمير المؤمنين بسكون الميم، ويكتب علامة الظهيرة بخطه. وثقت باللَّه وحده أسفل الكتاب. وأما إبراهيم بن قراقش صاحبه، فإنه سار مع العرب إلى قفصة فملك جميع منازلها، وراسل بني الزند رؤساء قفصة فأمكنوه من البلد لانحرافهم عن بني عبد المؤمن، فدخلها وخطب للعبّاسي ولصلاح الدين إلى أن قتله المنصور عند فتح قفصة كما نذكره في أخبار الموحّدين.


[١] وفي النسخة التونسية: واستفحلوا بمصر.
[٢] وفي نسخة أخرى: سنترية ولعلها شنت مريّة في البرتغال وقد مرّت معنا سابقا.
[٣] وفي نسخة أخرى: الدواودة.

<<  <  ج: ص:  >  >>