بهم بظاهر الحامة في شعبان من سنته. وأفلت ابن غانية وقراقش بحومة الوفر [١] وبادر أهل قابس وكانت خالصة لقراقش دون ابن غانية، فأتوا طاعتهم وأسلموا من كان عندهم من أصحابه وذويه فاحتلموا الى مراكش، وقصد المنصور إلى توزر فحاصرها فأسلموا إليه من كان فيها من أصحاب ابن غانية. وبادر أهلها بالطاعة.
ثم رجع إلى قفصة فحاصرها حتى نزلوا على حكمه، وقتل من كان بها من الحشود.
وقتل إبراهيم بن قراتكين، وامتنّ على سائر الأعوان وخلّى سبيلهم، وأمّن أهل البلد في أنفسهم وجعل أملاكهم بأيديهم على حكم المساقاة. تم غزا العرب واستباح حللهم وأحياءهم حتى استقاموا على طاعته. وفرّ ذو المراس كثير الخلاف والفتنة منهم إلى المغرب قبل: جشم ورياح والعاصم كما قدّمناه. وقفل إلى المغرب سنة أربع وثمانين وخمسمائة ورجع ابن غانية وقراقش إلى حالهما من الاجلاب على بلاد الجريد إلى أن هلك عليّ في بعض حروبهما مع أهل نفزاوة سنة أربع وثمانين وخمسمائة أصابه سهم غرب كان فيه هلاكه فدفن هنالك، وعفى على قبره، وحمل شلوه إلى ميورقة فدفن بها. وقام بالأمر أخوه يحيى بن إسحاق بن محمد بن غانية وجرى في مظاهرة قراقش وموالاته على سنن أخيه علي.
ثم نزع قراقش إلى طاعة الموحّدين سنة ست وثمانين وخمسمائة فهاجر إليهم بتونس وتقبّله السيد أبو زيد بن أبي حفص بن عبد المؤمن وأقام معه أياما. ثم فرّ ووصل إلى قابس فدخلها مخادعة وقتل جماعة منهم، واستبدّ على أشياخ دباب والكعوب من بني سليم فقتل سبعين منهم بقصر العروسيين، كان منهم: محمود بن طرق أبو المحاميد وحميد بن جارية أبو الجواري. ونهض إلى طرابلس فافتتحها ورجع إلى بلاد الجريد فاستولى على أكثرها، ثم فسد ما بينه وبين يحيى بن غانية. وسار إليه يحيى فانتهز قراقش ولحق بالجبال وتوغّل فيها، ثم فرّ إلى الصحراء ونزل ودّان ولم يزل بها إلى أن حاصره ابن غانية من بعد ذلك بمدّة وجمع عليه أهل الثأر من دباب، واقتحمها عليه عنوة وقتله ولحق ابنه بالموحّدين. ولم يزل بالحضرة إلى أيام المستنصر. ثم فرّ إلى ودّان وأجلب في الفتنة فبعث إليه ملك كام من قتله لسنة ست وخمسين وخمسمائة.
(رجع الخبر) واستولى ابن غانية على الجريد، واستنزل ياقوت فولّى قراقش من