للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طرده، كذا ذكره التجاني في رحلته. ولحق ياقوت بطرابلس، ونازلة ابن غانية بها، وطال أمر حصاره. وبالغ ياقوت في المدافعة، وبعث يحيى عن أسطول ميورقة فأمدّه أخوه عبد الله بقطعتين منه فاستولى على طرابلس، وأشخص ياقوت إلى ميورقة واعتقل بها إلى أن أخذها الموحّدون. وكان من خبر ميورقة أن عليّ بن غانية لما نهض إلى فتح بجاية ترك أخاه محمدا وعليّ بن الزبرتير في معتقلهما. فلما خلا الجو من أولاد غانية وكثير من الحامية داخل ابن الزبرتير في معتقله نفر من أهل الجزيرة، وثاروا بدعوة محمد وحاصروا القصيبة إلى أن صالحهم أهلها على إطلاق محمد بن إسحاق فأطلق من معتقله، وصار الأمر له فدخل في دعوة الموحّدين، ووفد مع علي بن الزبرتير على يعقوب المنصور. وخالفهم إلى ميورقة عبد الله بن إسحاق، ركب البحر من إفريقية إلى صقلّيّة وأمدّوه بأسطول، ووصل إلى ميورقة عند وفادة أخيه على المنصور فملكها، ولم يزل بها واليا. وبعث إلى أخيه علي بالمدد إلى طرابلس كما ذكرناه، وبعثوا إليه ياقوت فاعتقله عنوة إلى أن غلب عليه الموحّدون سنة تسع وتسعين وخمسمائة فقتل ومضى ياقوت إلى مراكش وبها مات.

(رجع الخبر) ولما فرغ ابن غانية من أمر طرابلس ولّى عليها تاشفين ابن عمّه الغازي، وقصد قابس فوجد بها عامل الموحّدين ابن عمر تافراكين بعثه إليهم صاحب تونس الشيخ أبو سعيد بن أبي حفص، فاستدعاه أهلها لما فرّ عنهم نائب قراقش أخذ ابن غانية لطرابلس فنازل قابس، وضيّق عليها حتى سألوه الأمان على أن يخلّي سبيل ابن بافراس [١] فعقد لهم ذلك وأمكنوه من البلد فملكها سنة إحدى وتسعين وخمسمائة وأغرمهم ستين ألف دينار، وقصد المهدية سنة سبع وتسعين وخمسمائة فاستولى عليها وقتل الثائر بها محمد بن عبد الكريم الكرابي [٢] .

(وكان من خبره) أنه نشأ بالمهديّة وصار من جندها المرتدّين، وهو كوفيّ الأصل، وكانت له شجاعة معروفة، فجمع لنفسه خيلا ورجالا وصار يغير على المفسدين من الأعراب بالأطراف فداخلهم هيبة، وبعد في ذلك صيته وأمدّه الناس بالدعاء.

وقدم أبو سعيد بن أبي حفص على إفريقية من قبل المنصور لأوّل ولايته، وولّى على المهدية أخاه يونس، وطالب محمد بن عبد الكريم بالسهمان في المغانم، وامتنع


[١] وفي نسخة أخرى: تافراكين.
[٢] وفي نسخة أخرى: الراكراكي.

<<  <  ج: ص:  >  >>