للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقبضها منهم كاتبه ابن عصفور وأبا بكر بن عبد العزيز بن السكاك، فأرهقوا الناس بالطلب حتى لاذ معظمهم بالموت واستعملوا القتل فيما نقل أن إسماعيل بن عبد الرفيع من بيوتاتها ألقى بنفسه في بئر فهلك، فرجع الطلب ببقيتها عنهم.

وارتحل إلى نفوسة والسيد أبو زيد معتقل في معسكره ففعل بهم مثل ذلك، وأغرمهم بالناصر بمراكش ما دهم أهل إفريقية منه ومن ابن عبد الكريم قبله، فامتعض لذلك ورحل إليها سنة إحدى وستمائة. وبلغ يحيى بن غانية خبر زحفه إليه، فخرج من تونس إلى القيروان ثم إلى قفصة واجتمع إليه العرب وأعطوه الرهن على المظاهرة والدفاع. ونازل طرة من حصون مغراوة [١] ، فاستباحها، وانتقل إلى حامة مطماطة. ونزل الناصر تونس، ثم قفصة، ثم قابس، وتحصّن منه ابن غانية، في مطماطة. ونزل الناصر تونس، ثم قفصة، ثم قابس، وتحصّن منه ابن غانية، في جبل دمّر، فرجع عنه إلى المهديّة، وعسكر عليها واتخذ الآلة لحصارها.

وسرّح الشيخ أبا محمد عبد الواحد بن أبي حفص لقتال ابن غانية في أربعة آلاف من الموحّدين سنة اثنتين وستمائة فلقيه بجبل تاجورّا من نواحي قابس، وأوقع به وقتل أخاه جبارة بن إسحاق واستنقذ السيد أبا زيد من معتقله، ثم افتتح الناصر المهديّة ودخل إليها عليّ بن الغازي في دعوة فتقبله، ورفع مكانه ووصله بهدية وافق وصولها برسمه إليه على يد واصل [٢] مولاه وكان بها ثوبان منسوجان بالجواهر فوصله بذلك كله، ولم يزل معه إلى أن استشهد مجاهدا.

وولىّ الناصر على المهديّة محمد بن يغمور من الموحّدين ورجع إلى تونس. ثم نظر فيمن يولّيه أمر إفريقية لسدّ فرجها والذبّ عنها ومدافعة ابن غانية وجموعه دونها. فوقع اختياره على الشيخ أبي محمد بن أبي حفص، فعقد له على ذلك سنة ثلاث كما ذكرناه في أخباره. ورجع الناصر إلى المغرب وأجمع ابن غانية النهوض لقتال الموحّدين بتونس، وجمع ذؤبان العرب من الزواودة وغيرهم، وأوفد الزواودة يومئذ محمد بن مسعود بن سلطف [٣] وتحيّز بنو عوف بن سليم إلى الموحّدين، والتقوا بشبور [٤] من نواحي تبسّة [٥] فانهزمت جموع ابن غانية، ولجأ إلى جهة طرابلس.


[١] وفي النسخة التونسية: نغزاوة.
[٢] وفي النسخة التونسية: من سبته إليه على يد ناصح.
[٣] وفي نسخة أخرى: بن سلطان.
[٤] وفي نسخة أخرى: بشبرو.
[٥] تبسّة: بالفتح ثم الكسر، وتشديد السين المهملة: بلد مشهور من أرض افريقية، بينه وبين قفصة ست مراحل في قفر سبيبة، وهو بلد قديم به آثار الملوك، وقد خرّ الآن أكثرها ... (معجم البلدان) .

<<  <  ج: ص:  >  >>