للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم نهض إلى المغرب في جموعه من العرب والملثّمين فانتهى إلى سجلماسة وامتلأت أيدي اتباعه من النهاب، وخرقوا الأرض بالعيث والفساد. وانتهى إلى المغرب الأوسط وداخله المفسدون من زناتة، وأغزوا به صاحب تلمسان السيد أبا عمران موسى بن يوسف بن عبد المؤمن فلقيه بتاهرت فهزمه ابن غانية، وقتله وأسروا وافده [١] ، وكرّ راجعا إلى إفريقية، فاعترضه الشيخ أبو محمد صاحب إفريقية في جموع الموحّدين، واستنقذ الغنائم من أيديهم. ولجأ [٢] ابن غانية إلى جبال طرابلس، وهاجر أخوه مسير بن إسحاق إلى مرّاكش فقبله الناصر وأكرمه. ثم اجتمع إلى ابن غانية طوائف العرب من رياح وعوف وهيث [٣] ومن معهم من قبائل البربر، وعزم على دخول إفريقية. ونهض إليهم الشيخ أبو محمد سنة ست وستمائة ولقيهم بجبل نفوسة، ففلّ عسكرهم واستلحم أمرهم، وغنم ما كان معهم من الظهر والكراع والأسلحة. وقتل يومئذ محمد بن الغازي وجوار بن يفرن، وقتل معه ابن عمّه من كتّاب ابن أبي الشيخ ابن عساكر بن سلطان، وهلك يومئذ من العرب الهلاليّين أمير قرّة سمّاد بن نخيل.

حكى ابن نخيل أن مغانم الموحّدين يومئذ من عساكر الملثّمين كانت ثمانية عشر ألفا من الظهر، فكان ذلك مما أوهن من شدّته ووطّى من بأسه. وثارت قبائل نفوسة بكاتبه ابن عصفور فقتلوا ولديه، وكان ابن غانية يبعثه عليهم للمغرم. وسار أبو محمد في نواحي إفريقية ودفع سلبهم واستثار أشياخهم بأهلهم، وأسكنهم بتونس حسما لفسادهم. وصلحت أحوال إفريقية إلى أن هلك الشيخ أبو محمد سنة ثمان عشرة وستمائة وولي أبو محمد السيد أبو العلا إدريس بن يونس بن عبد المؤمن، ويقال بل وليها قبيل مهلك الشيخ أبي محمد، فاستطار بعد مهلكه سور بن عبابة، ولخم فعابه رعيته [٤] ، ونهض إليه السيد أبو العلا ونزل قابس وأقام بقصر العروسيّين، وسرّح ولده السيد أبا زيد بعسكر من الموحّدين إلى درج وغدامس، وسرّح عسكرا آخر إلى ودان لحصار ابن غانية، فأرجف بهم العرب ونهضوا وهمّ بهم السيد أبو


[١] وفي النسخة التونسية: ولده.
[٢] وفي النسخة التونسية: ونجا.
[٣] وفي النسخة التونسية: ونفاث.
[٤] وفي نسخة أخرى: ثور بن غانية، ونجم نفاقه وعيثه.

<<  <  ج: ص:  >  >>