للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلا. وفرّ ابن غانية إلى الزاب، واتبعه السيد أبو زيد فنازل ببسكرة واقتحمها عليه.

ونجا ابن غانية وجمع أوباشا من العرب والبربر، واتبعه السيد أبو زيد في الموحّدين وقبائل هوّارة، وتزاحفوا بظاهر تونس سنة إحدى وعشرين وستمائة فانهزم ابن غانية وجموعه، وقتل كثير من الملثّمين وامتلأت أيدي الموحّدين من الغنائم.

وكان طرأ له يومئذ حماس من بعد ما سعى [١] في هذا الزحف أثر مذكور وبلاء حسن. وبلغ السيد أبا زيد إثر هذه الوقيعة خبر مهلك أبيه بتونس، فانكفّ راجعا، وأعيد بنو أبي حفص إلى مكان أبيهم الشيخ أبي محمد بن أثال بإفريقية. واستقلّ الأمير أبو زكريا منهم بأمرها، واقتلعها عن ملكه إلى عبد المؤمن [٢] وتناولها من يد أخيه أبي محمد عبد الله. وهذا الأمير أبو زكريا هو جدّ الخلفاء الحفصيّين وماهد أمرهم بإفريقية، فأحسن دفاع ابن غانية عنها وشرّده في أقطارها. ورفع يده شيئا فشيئا عن النيل من أهلها ورعاياها. ولم يزل شريدا مع العرب بالقفار، فبلغ سجلماسة من أقصى المغرب والعقبة الكبرى من تخوم الديار المصرية. واستولى على ابن مذكور صاحب السويقة من تخوم برقة، وأوقع بمغراوة بواجر ما بين متيجة ومليانه، وقتل أميرهم منديل بن عبد الرحمن وصلب شلوه بسور الجزائر. وكان يستخدم الجند فإذا سئموا الخدمة تركهم لسبيلهم إلى أن هلك لخمسين سنة من إمارته سنة إحدى وثلاثين وستمائة وقيل ثلاث وثلاثين، ودفن وعفى أثر مدفنه. يقال بوادي الرجوان قتله الأريس يقال بجهة مليانة من وادي شلف، ويقال بصحراء باديس ومديد [٣] من بلاد الزاب. وانقرض أمر الملثّمين من مسوقة ولمتونة ومن جميع بلاد إفريقية والمغرب والأندلس بمهلكه. وذهب ملك صنهاجة من الأرض بذهاب ملكه وانقطاع أمره. وقد خلّف بنات بعثهن [٤] زعموا إلى الأمير أبي زكريا لعهده بذلك إلى علجه جابر [٥] فوضعن في يده. وبلغه وفاة أبيهن وحسن ظنه في كفالته إياهنّ، فأحسن الأمير أبو زكريا كفالتهنّ، وبنى لهنّ بحضرته دارا لصونهنّ معروفة لهذا العهد


[١] هكذا بالأصل وفي نسخة أخرى: وكان لهوارة يومئذ، وأميرهم حناش بن بعرة بن ونيفن في هذا الزحف اثر مذكور وبلاء حسن.
[٢] وفي النسخة التونسية: من ملكة آل عبد المؤمن.
[٣] وفي النسخة الباريسية: وتنومة. وفي النسخة التونسية: وبنومة.
[٤] العبارة تكون أصح لو قال: وقد خلّف بنات زعموا بأنه بعثهن الى الأمير أبي زكريا.
[٥] وفي النسخة التونسية صابر.

<<  <  ج: ص:  >  >>