عليهم خمسا وعشرين سنة فيما ذكروه. ولما هلك ولي عليهم من بعده منسا ولي، ومعنى منسا السلطان، ومعنى ولي بلسانهم علي، وكان منسا ولي هذا من أعاظم ملوكهم. وحج أيام الظاهر بيبرس، وولي عليهم من بعده أخوه وأتى. ثم بعده أخوهم خليفة وكان محمقا راويا، فكان يرسل السهام على الناس فيقتلهم مجانا، فوثبوا عليه فقتلوه. وولي عليهم من بعده سبط من أسباط ماري جاطة يسمّى أبا بكر، وكان ابن بنته فملّكوه على سنن الأعاجم في تمليك الأخت وابن الاخت. ولم يقع إلينا نسبه ونسب أبيه.
ثم ولي عليهم من بعده مولى من مواليهم تغلّب على ملكهم اسمه ساكورة. وقال الشيخ عثمان: ضبطه بلسانهم أهل غانية سيكرة، وحجّ أيام الملك الناصر وقتل عند مرجعه بتاجورا، وكانت دولته ضخمة اتسع فيها نطاق ملكهم وتغلّبوا على الأمم المجاورة لهم. وافتتح بلاد كوكو وأصارها في ملكة أهل مالي. واتصل ملكهم من البحر المحيط وغانة بالمغرب إلى بلاد التكرور في المشرق، واعتز سلطانهم وهابتهم أمم السودان، وارتحل إلى بلادهم التجّار من بلاد المغرب وإفريقية.
وقال الحاج يونس ترجمان التكروري إن الّذي فتح كوكو هو سغمنجة من قوّاد منسا موسى، وولي من بعده ساكورة وهذا هو ابن السلطان ماري جاطة. ثم من بعده ابنه محمد بن قو، ثم انتقل ملكهم من ولد السلطان ماري جاطة إلى ولد أخيه أبي بكر فولى عليهم منسا موسى بن أبي بكر، وكان رجلا صالحا وملكا عظيما، له في العدل أخبار تؤثر عنه. وحج سنة أربع وعشرين وسبعمائة، لقيه في الموسم شاعر الأندلس أبو إسحاق إبراهيم الساحلي المعروف بالطونجق [١] وصحبه إلى بلاده. وكان له اختصاص وعناية ورثها من بعده ولده إلى الآن، وأوطنوا والاتر من تخوم بلادهم من ناحية المغرب، ولقيه في منصرفه صاحبنا المعمّر أبو عبد الله بن خديجة الكومي من ولد عبد المؤمن، كان داعية بالزاب للفاطمي المنتظر، وأجلب عليهم بعصائب من العرب فمكر به واركلا واعتقله، ثم خلّى سبيله بعد حين، فحاض إلى السلطان منسا موسى مستجيشا به عليهم، وقد كان بلغه توجّهه للحج، فأقام في انتظاره ببلد غدامس يرجو نصرا على عدوّه ومعونة على أمره لما كان عليه منسا موسى من استفحال