للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ملكه بالصحراء الموالية لبلد واركلا وقوّة سلطانه فلقي منه مبرّة وترحبا ووعده بالمظاهرة والقيام بثأره واستصحبه إلى بلدة أخرى وهو الثقة.

(قال: كنا نواكبه أنا وأبو إسحاق الطونجق دون وزرائه ووجوه قومه نأخذ بأطراف الأحاديث، نتمتع وكان متحفا) [١] في كل منزل بطرف المآكل والحلاوات قال:

والّذي تحمل آلته وحربته [٢] من الوصائف خاصة اثنا عشر ألفا لابسات أقبية الديباج والحرير اليماني.

(قال الحاج يونس ترجمان هذه الأمّة بمصر) : جاء هذا الملك منسا موسى من بلده بثمانين حملا من التبر، كل حمل ثلاثة قناطير، قال: وإنما يحملون على الوصائف والرجال في أوطانهم فقط، وأمّا السفر البعيد كالحج فعلى المطايا.

(قال أبو خديجة) : ورجعنا معه إلى حضرة ملكه فأراد أن يتخذ بيتا بمقعد [٣] سلطانه محكم البناء مجللا لغرابته بأرضهم، فأطرفه أبو إسحاق الطونجق ببناء قبّة مربّعة الشكل استفرغ فيها إجادته. وكان صناع اليدين واضفى عليها من الكلس ووالي عليها بالأصباغ المشبّعة [٤] فجاءت من أتقن المباني، ووقعت من السلطان موقع الاستغراب لفقدان صنعة البناء بأرضهم، ووصله باثني عشر ألفا من مثاقيل التبر مثوبة عليها، إلى ما كان له من الاثرة والميل إليه والصلات السنية. وكان بين هذا السلطان منسا موسى وبين ملك المغرب لعهده من بني مرين السلطان أبي الحسن مواصلة ومهاداة سفرت بينهما فيها الأعلام من رجال الدولتين، واستجاد صاحب المغرب من متاع وطنه وتحت ممالكة ممّا تحدّث عنه الناس على ما نذكره عند موضعه، بعث بها مع عليّ بن غانم المغفل وأعيان من رجال دولته. وتوارثت تلك الوصلة أعقابهما كما سيأتي واتصلت أيام منسا موسى هذا خمسا وعشرين سنة. ولمّا هلك ولي أمر مالي من بعده ابنه منسا مغا، ومغا عندهم محمد، وهلك لأربع سنين من ولايته، وولي أمرهم من بعده منسا سليمان بن أبي بكر وهو أخو موسى، واتصلت أيامه أربعا وعشرين سنة. ثم هلك فولي بعده ابنه منسا بن سليمان وهلك لتسعة من ولايته،


[١] وفي نسخة أخرى: حيث يتسع المقام، وكان يتحفنا.
[٢] وفي النسخة التونسية: وخرثية.
[٣] وفي نسخة أخرى: في قاعدة.
[٤] وفي النسخة التونسية: وعالى عليها بالأصباغ المنمقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>