للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النجابة بطبعه إلى أن استقلّ بأمرهم واقتعد كرسي عملهم بطنجة وسبتة، وأطاعته قبائل غمارة.

واتصلت أيام ولايته إلى أن كانت دولة المرابطين، وتغلّب ابن تاشفين على مغراوة بفاس. ونجا فلّهم إلى بلاد الدمنة من آخر بسيط المغرب مما يلي بلاد غمارة، ونازلهم يوسف بن تاشفين سنة إحدى وسبعين وأربعمائة ودعا الحاجب سكوت إلى مظاهرته عليهم، فهمّ بالانحياش ومظاهرته على عدوّه. ثم ثنّاه عن ذلك ابنه القائل الرأي.

فلما فرغ يوسف بن تاشفين من أهل الدمنة وأوقع بهم وافتتح حصن علودان من حصون غمارة من ورائه، وانقاد المغرب لحكمه، صرف وجهه إلى سكوت فجهّز إليه العساكر وعقد عليها للقائد صالح بن عمران من رجال لمتونة، فتباشرت الرعايا بمقدمهم وانثالوا عليهم. وبلغ الخبر الى الحاجب سكوت فأقسم أن لا يسمع أحدا من رعيته هدير طبولهم، ولحق هو بمدينة طنجة ثغر عمله. وقد كان عليه من قبله ابنه ضياء الدولة المعز، وبرز للقائهم فالتقى الجمعان بظاهر طنجة وانكشفت عساكر سكوت، وطحنت رحى المرابطين، وسالت نفسه على ظباهم، ودخلوا طنجة واستولوا عليها، ولحق ضياء الدولة بسبتة.

ولما تكالب الطاغية على بلاد الأندلس، وبعث ابن عبّاد صريخه إلى أمير المسلمين يوسف بن تاشفين مستنجزا وعده في جهاد الطاغية والذبّ عن المسلمين، وكاتبه أهل الأندلس كافة بالتحريض إلى الجهاد، وبعث ابنه المعزّ سنة ست وسبعين وأربعمائة في عسكر المرابطين إلى سبتة فرضة المجاز، فنازلها برّا وأحاطت بها أساطيل ابن عبّاد بحرا، واقتحموها عنوة. وتقبّض على ضياء الدولة، واقتيد إلى المعزّ فطالبه بالمال لانحائه فأساء إيجابه فقتله لوقته، وعثر على ذخائره وفيها خاتم يحيى بن عليّ بن حمّود. وكتب إلى أبيه بالفتح، وانقرضت دولة بني حمّود وانمحى آثارهم وسلطانهم من بني غمارة [١] ، وأقاموا في طاعة لمتونة سائر أيامهم.

ولما نجم [٢] المهدي بالمغرب واستفحل أمر الموحّدين بعد مهلكه، تنقّل خليفته عبد المؤمن في بلادهم في غزاته الكبرى ففتح المغرب سنة سبع وثلاثين وما بعدها قبل استيلائه على مراكش كما نذكره في أخبارهم، واتبعوا أثره ونازلوا سبتة في عساكره.


[١] وفي نسخة أخرى: وامّحى أثر سلطانهم من بلاد غمارة.
[٢] يقال: «نجم في بني فلان شاعر أو فارس» إذا نبع (القاموس) .

<<  <  ج: ص:  >  >>