للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قليلة، ونزل منها بدار ابن عشرة، ثم تمادى إلى مراكش وسرّح الشيخ أبا حفص لغزو برغواطة فأثخن فيهم ورجع. ولقيه في طريقه ووصلوا جميعا إلى مراكش وقد ضمّوا إليها جموع لمطة، فأوقع بهم الموحّدون وأثخنوا فيهم قتلا، واكتسحوا أموالهم وظعائنهم، وأقاموا على مراكش تسعة أشهر [١] وأميرهم إسحاق بن علي بن يوسف، بايعوه صبيا صغيرا عند بلوغ خبر أبيه. ولما طال عليهم الحصار وجهدهم الجوع برزوا إلى مدافعة الموحّدين، فانهزموا وتتبعهم الموحّدون بالقتل، واقتحموا عليهم المدينة في أخريات شوّال سنة إحدى وأربعين وخمسمائة وقتل عامّة الملثّمين، ونجا إسحاق في جملته وأعيان قومه إلى القصبة حتى نزلوا على حكم الموحّدين وأحضر إسحاق بين جملته وأعيان قومه إلى القصبة حتى نزلوا على حكم الموحّدين وأحضر إسحاق بين يدي عبد المؤمن فقتله الموحّدون بأيديهم وتولى كبر ذلك أبو حفص بن واكاك منهم وامحى أثر الملثمين واستولى الموحدون على جميع البلاد.

ثم خرج عليهم بناحية السوس ثائر من سوقة سلا يعرف محمد بن عبد الله بن هود وتلقّب بالهادي، وظهر في رباط ماسة، فأقبل إليه الشراد [٢] من كل جانب، وانصرفت إليه وجوه الأغمار من أهل الآفاق وأخذ بدعوته أهل سجلماسة ودرعة وقبائل دكالة وركراكة وقبائل تامسنا وهوّارة، وفشت ضلالته في جميع العرب، فسرّح إليه عبد المؤمن عسكرا من الموحّدين لنظر يحيى أنكمار اللمتوني النازع إليه من إيالة تاشفين بن علي. ولقي هذا الثائر المآسي، ورجع مهزوما إلى عبد المؤمن فسرّح الشيخ أبا حفص عمر بن يحيى وأشياخ الموحّدين، واحتفل في الاستعداد فنهضوا إلى رابطة ماسة، وبرز إليهم الثائر في نحو ستين ألفا من الرجال وسبعمائة من الفرسان، فهزمهم الموحّدون، وقتل داعيتهم في المعركة مع كثرة أتباعه، وذلك في ذي الحجّة سنة إحدى وأربعين وخمسمائة وكتب الشيخ أبو حفص بالفتح إلى عبد المؤمن من إنشاء أبي حفص بن عطيّة الشهير الذكر، كان أبوه أبو أحمد كاتبا لعلي بن يوسف وابنه تاشفين، وتحصل في قبضة الموحّدين فعفا عنه عبد المؤمن.

ولما نزل على فاس اعتزم أبو حفص [٣] هذا على الفرار فتقبّض عليه في طريقه، واعتذر فلم يقبل عذره وقتل. وكان ابنه أحمد كاتبا لإسحاق بن علي بمراكش


[١] وفي نسخة أخرى: سبعة أشهر.
[٢] وفي النسخة التونسية الشرار والمقصود الأشرار أو المشردون.
[٣] وفي نسخة أخرى: أبو أحمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>