سعيد بن أبي حفص، ويقال ان المنصور ولّاهما، وكثر الهرج بإفريقية وثار بالمهديّة محمد بن عبد الكريم الرجراجي، ودعا لنفسه، ونازع ابن غانية الموحّدين الأمر، وتسمّى صاحب قبة الأديم محمد بن عبد الكريم الركراكي. ونزل تونس وعاث في قراها سنة ست وتسعين وخمسمائة ونازل ابن غانية بفاس فامتنع عليه، وكان محمد ابن مسعود البلطي شيخ رياح من أشياعه فانتقض عليه، وراجع ابن غانية فأتيح له الظهور على محمد بن عبد الكريم وقصده وهو على قفصة فهزمه. واتبعه إلى المهديّة فنازله بها. وبعث إلى صاحب تونس في المدد بأسطوله فأمدّه، فضاقت حال ابن عبد الكريم، فسأل الأمان من ابن غانية فأمّنه، وخرج إليه فتقبض عليه واستولى على المهديّة سنة تسع وتسعين وخمسمائة وقتله.
وبعث الناصر أسطوله في البحر مع عمه أبي العلا وعساكر الموحّدين مع السيد أبي الحسن بن أبي حفص بن عبد المؤمن. ونازلوا ابن عبد الكريم قبل استيلاء ابن غانية عليها، فادعى ابن عبد الكريم بأنه حافظ للحصن من العدو، ولا يمكنه إلّا لثقة الخليفة. وانصرف السيد أبو الحسن إلى بجاية موضع عمله، وقسّم العسكر بينه وبين أخيه السيد أبي زيد صاحب تونس وصلحت الأحوال. ثم أن ابن غانية لمّا تغلّب على المهديّة وعلى قراقش الغزّيّ صاحب طرابلس، وقد مرّت أخباره في أخبار ابن غانية. ثم تغلّب على بلاد الجريد، ثم نزل تونس تسع وتسعين وخمسمائة وافتتحها عنوة، وتقبّض على السيد أبي زيد، وطالب أهل تونس بالنفقة التي أنفق وبسط عليهم العذاب. وتولى ذلك فيهم كاتبه ابن عصفور حتى هلك في الامتحان كثير من بيوتاتهم. ثم دخل في دعوته أهل بونه وبنزرت وشقبناريّة والاربص والقيروان وسبتة وصفاقس وقابس وطرابلس. وانتظمت له أعمال إفريقية وفرّق العمّال وخطب للعبّاسي كما ذكرناه في أخباره. ثم ولّى على تونس أخاه الغازي ونهض إلى جبال طرابلس فأغرمهم ألف ألف دينار مكرّرة مرّتين ورجع إلى تونس. واتصل بالناصر كثرة الهرج بإفريقية واستيلاء ابن غانية عليها وحصول السيد أبي زيد في قبضته، فشاور الموحّدين في أمره، فأشاروا بمسالة ابن غانية. وأشار أبو محمد بن الشيخ أبي حفص بالنهوض إليها والمدافعة عنها فعمل على رأيه، ونهض من مراكش سنة إحدى وستمائة، وبعث الأسطول في البحر لنظر أبي يحيى بن أبي زكريا الهزرجيّ، فبعث ابن غانية ذخيرته وحرمه إلى المهديّة مع عليّ بن الغازي بن محمد بن علي. وانتقض