أهل طرابلس على ابن غانية وأخرجوا عاملهم تاشفين بن الغازي بن محمد بن علي ابن غانية، وقصدهم ابن غانية فافتتحها وخرّبها.
ووصل أسطول الناصر إلى تونس فدخلوها وقتلوا من كان بها من أتباع ابن غانية، ونهض الناصر في أتباع ابن غانية فأعجزه ونازل المهديّة، وبعث أبا محمد بن الشيخ أبي حفص للقاء ابن غانية فلقيه بتاجرا فأوقع به وقتل أخاه جبارة. وكاتبه ابن اللمطي وعامله الفتح بن محمد. قال ابن نخيل: وكانت الغنائم من عسكره يومئذ ثمانية عشر ألفا من أحمال المال والمتاع والخرثيّ والآلة. ونجا بأهله وولده فأطلق السيد أبا زيد من الاعتقال بعد أن همّ حرسه بقتله عند الهزيمة. ثم تسلّم الناصر المهديّة من يد علي بن الغازي المعروف بالحاج الكافي على أن يلحق بابن عمّه فقبل شرطه ومضى لوجهه. ثم رجع من طريقه واختار التوحيد فناله من الكرامة والتقريب ما لا فوقه.
وهلك في يوم العقاب الآتي ذكره. ثم فرض الناصر على المهديّة، واستعمل عليها محمد بن يغمور الهرغي، وعلى طرابلس عبد الله بن إبراهيم بن جامع، ورجع إلى تونس فأقام إلى سنة ثلاث وستمائة. وسرّح أخاه السيد أبا إسحاق في عسكر من الموحّدين لاتباع العدوّ فدوّخوا ما وراء طرابلس. واستأصلوا بني دمّر ومطماطة وجبال نفوسة وتجاوزوها إلى سويقة بني مذكور. وقفل السيد أبو إسحاق بهم إلى أخيه الناصر بتونس وقد كمل الفتح. ثم اعتزم على الرحيل إلى المغرب وأجمع رأيه على تولية أبي محمد ابن الشيخ أبي حفص، وكان شيخ دولته وصاحب رأيه فامتنع إلى أن بعث إليه الناصر في ذلك بابنه يوسف، فأكبر مجيئه وأناب لذلك على أن يقيم بإفريقية ثلاث سنين خاصة خلاف ما يستحكم صلاحها، وأن يحكم فيمن يقيم معه من العسكر فتقبّل شرطه.
ورجع الناصر إلى مراكش فدخلها في ربيع سنة أربع وستمائة، وقدم عبد العزيز بن أبي زيد الهنتاتي على الأشغال بالعدوتين وكان على الوزارة أبو سعيد بن جامع، وكان صديقا لابن عبد العزيز. وعند مرجعه من إفريقية توفي السيد أبو الربيع بن عبد الله ابن عبد المؤمن صاحب بجاية، وقد كان أبو الربيع هذا ولي بجاية من قبل، وهو الّذي جدّد للربيع [١] . وكان بنو حمّاد شيّدوها من قبل، فأصابها الحريق وجدّدها