للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو إبراهيم بن أبي حفص الملقّب بأبي حاقة، وفي سنة ثلاث وثلاثين وستمائة خرج الرشيد من سجلماسة بقصد مراكش، وخاطب جرمون بن عيسى وقومه من سفيان، فأجازوا وادي أم الربيع وبرز إليه يحيى في جموعه، والتقى الفريقان فانهزمت جموع يحيى واستحرّ القتل فيهم، ودخل الرشيد إلى الحضرة ظافرا.

وأشار يحيى بن وقاريط على الخلط بالاستصراخ بابن هود صاحب الأندلس، والأخذ بدعوته، فنكثوا بيعة يحيى وبعثوا وفدهم إلى ابن هود صحبة عمر بن وقاريط على الخلط بالاستصراخ فاستقرّ هنالك. وخرج الرشيد من مراكش وفرّ الخلط أمامه، وسار إلى فاس وسرّح وزيره السيد أبا محمد إلى غمارة وفازاز لجباية أموالها، وكان يحيى بن الناصر لما نكث الخلط بيعته لحق بعرب المعقل فأجاروه ووعدوه النصرة، واشتطّوا عليه في المطالب، وأسف بعضهم بالمنع فاغتاله في جهة تازى، وسيق رأسه إلى الرشيد بفاس فبعثه إلى مراكش، وأوعز إلى نائبة بها أبي علي ابن عبد العزيز بقتل العرب الذين كانوا في اعتقاله وهم: حسن بن زيد شيخ العاصم، وقائد وفائد ابنا عامر شيخا بني جابر، فقتلهم وانكفأ الرشيد راجعا إلى حضرته سنة أربع وثلاثين وستمائة وبلغه استيلاء صاحب درعة أبي محمد بن وانودين على سجلماسة، وذلك أنّ الرشيد لما فصل من سجلماسة استخلف عليها يوسف بن علي التينمللي، فاستعمل ابن خالته من بني مردنيش، وهو يحيى بن أرقم بن محمد بن مردنيش، فثار عليه ثائر من صنهاجة وقتله في خبائه. قام ابنه أرقم يطلب الثأر، ولو بلغ منه ما أراد. ثم حدّثته نفسه بالانتقاض خوفا من عزل الرشيد إيّاه فانتقض.

ونهض إليه الرشيد سنة اثنتين وثلاثين وستمائة فلم يزل أبو محمد بن وانودين يعمل الحيلة في استخلاصها حتى تمكّن منها وعفا عن أرقم. وكان ابن وقاريط لمّا فصل إلى ابن هود سنة أربع وثلاثين وستمائة ركب البحر في أسطول ابن هود، وقصد لسلا وبها السيد أبو العلى صهر الرشيد، فكاد ان يغلب عليها. وفي سنة خمس وثلاثين وستمائة بايع أهل إشبيليّة للرشيد ونقضوا طاعة ابن هود، وتولّى كبر ذلك أبو عمر بن الجدّ، واستخفّ [١] بنو حجاج إلى سبتة ووصل وفدهم إلى الحضرة ومرّوا في طريقهم بسبتة، فاقتدى أهلها بهم في بيعة الرشيد، وخلعوا أميرهم اليانشي [٢] الثائر بها على


[١] وفي نسخة ثانية: أشخص.
[٢] وفي النسخة الباريسية: البانشتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>