للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن هود وقدموا على الحضرة، وولّى عليهم الرشيد أبا علي بن خلاص منهم. ولأيام من مقدمهم وصل عمر بن وقاريط معتقلا من إشبيليّة، أغراهم بالقبض عليه القاضي أبو عبد الله المؤمناني، كان توجّه رسولا إلى ابن هود عن الرشيد، فأمكنهم من ابن وقاريط. وبعث إلى الرشيد في وفد من رسله فاعتقله بأزمور وقتل وصلب برباط هسكورة، بعد أن طيف به على جمل. وانصرف وفد إشبيليّة وسبتة، واستقدم الرشيد رؤساء الخلط فتقبّض عليهم، وبعث عساكره فاستباحوا حللهم وأحياءهم. ثم أمر بقتل مشيختهم وقتل معهم ابن وقاريط، وقطع دابرهم. وفي سنة ست وثلاثين وستمائة وصلت بيعة محمد بن يوسف بن نصر بن الأحمر الثائر بالأندلس على ابن هود. وفي سنة سبع وثلاثين وستمائة اشتدّت الفتنة بالمغرب، وانتشر بنو مرين وقتلوهم قتلا ذريعا. وكان الرشيد استقدم أبا محمد بن وانودين من سجلماسة سنة خمس وثلاثين وستمائة وعقد له على فاس وسجلماسة وغمارة ونواحيها من أرض المغرب، فكان هنالك. ولما انتشر بنو مرين بالمغرب زحف إليهم فهزموه، ثم زحف ثانية وثالثة فهزموه، وأقام في محاربتهم سنتين ورجع إلى الحضرة. واشتدّ عدوان بني مرين بالمغرب، وألحّوا على مكناسة حتى أعطوا الإتاوة لبني حمامة منهم، فأسفوا بني عسكر بذلك، واتصل عيثهم في نواحيها. وفي سنة سبع وثلاثين وخمسمائة قتل الرشيد كاتبه ابن المؤمناني [١] لمداخلة له مع بعض السادة، وهو عمر بن عبد العزيز أخي المنصور، وقف على كتابه إليه بخطه. وغلط الرسول بها فدفعها بدار الخليفة.

وفي سنة أربعين وستمائة بعدها كانت وفاة الرشيد غريقا، زعموا في بعض حوائز [٢] القصر. ويقال إنه أخرج من الماء وحمّ لوقته، وكان فيها مهلكه، والله تعالى أعلم.

(الخبر عن دولة السعيد بن المأمون) لمّا هلك الرشيد بويع أخوه أبو الحسن السعيد بتعيين أبي محمد بن وانودين، وتلقّب المقتدر باللَّه [٣] واستوزر السيد أبا إسحاق بن السيد أبي إبراهيم ويحيى بن عطوش.


[١] وفي النسخة الباريسية: ابن المأموني.
[٢] وفي النسخة الباريسية: جزاء وفي نسخة أخرى: حوائر، ولعله يقصد أحواز جمع حوز، وهي بركة الماء.
[٣] وفي نسخة أخرى: المعتضد باللَّه.

<<  <  ج: ص:  >  >>