على نصره من عدوه فجمع له الناس وخاطب أهل ولايته أن يكون معه يدا. وزحف عبد الله حتى نزل بالقاهرة وأخذ بمخنق أبيه وأشياعه. ثم داخله بعض بطانته ودلّه على بعض العورات اقتحم منها الجبل وثاروا بابنه ايزم فصاح به عبد الله وقومه. وفرّ محمد أمامهم فأدرك بتلاسف من نواحي الجبل وقتل واسترجع عبد الله ملكه، واستقلّت قدمه إلى أن مكر به ابن عمه يحيى بن سليمان حين بلغ استبداد الوزير عمر ابن عبد الله على سلطان المغرب واستبداد عامر بن محمد بولاية مراكش، وثأر منه يحيى هذا بأبيه سليمان وهو عمّ عبد الله، كان قتله أيام إمارته الأولى وأقام مملكا على سكسيوة إلى سني خمس وسبعين وستمائة، فثار عليه أبو بكر بن عمر بن خرو فقتله بأخيه عبد الله، واستقلّ بأمر سكسيوة ومن إليهم. ثم خرج عليهم لأعوام من استقلاله ابن عمّ له من أهل بيته لم ينقل لي من تعريفه إلّا أنّ اسمه عبد الرحمن، لأن ثورته كانت بعد رحلتي الثانية من المغرب سنة ست وسبعين وستمائة، فأخبرني الثقة بأمره وأنه ظفر بأبي بكر بن عمر وقتله. واستبدّ بأمر الجبل إلى هذا العهد فيما زعم وهو سنة تسع وسبعين وستمائة ثم بلغني سنة ثمان وثمانين وستمائة أنّ عبد الرحمن هذا ويعرف بأبي زيد بن مخلوف بن عمر آجليد قتله يحيى بن عبد الله بن عمر، واستبدّ بأمر هذا الجبل وهو الآن مالكه، وهو أخو ايزم بن عبد الله والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.
(وأما بقية قبائل المصامدة) من سوى هؤلاء السبع مثل هيلانة وحاحة ودكالة وغيرهم ممن أوطن هضاب الجبل أو ساحته فهم أمم لا تنحصر. ودكالة منهم في ساحة الجبل من جانب الجوف مما يلي مراكش إلى البحر من جانب الغرب. وهناك رباط آسفي المعروف ببني ماكر من بطونهم وبين الناس اختلاف في انتسابهم في المصامدة أو صنهاجة، ومجاورهم من جانب الغرب في بسيط ينعطف ما بين ساحل البحر وجبل درن في بسيط هناك يقضي إلى السوس، يعمّره من حاحة هؤلاء خلق أكثرهم في خمر الشعراء من الشجر المعروف بأرجان، يتحصّنون بملتقها وأدواحها ويعتصرون الزيت لادامهم من ثمارها. وهو زيت شريف طيب اللون والرائحة والطعم يبعث منه العمّال إلى دار الملك في هداياهم فيطرفون به.
وبآخر مواطنهم مما يلي أرض السوس وفي القبلة عن جبل درن بلدة دنست وبها معظم هذه الشعراء ينزلها رؤساؤهم، ورياستهم في بطن منهم يعرفون بمغراوة وكان شيخهم