لعهد السلطان أبي عنان إبراهيم بن حسين بن حماد بن حسين، وبعده ابنه محمد بن إبراهيم بن حسين وبعده ابن عمّهم خالد بن عيسى بن حمّاد واستمرّت رياسته عليهم إلى أعوام ست وسبعين وسبعمائة أيام استيلاء السلطان عبد الرحمن بن بطوسن على مراكش، فقتله شيخ بن مرين علي بن عمر الورتاجي من بني ويغلان منهم وما أدري لمن صارت رياستهم من بعده، وهم دكالة جميعا أهل مغرم واسع وجباية موفورة فيما علمناه، وللَّه الخلق والأمر وهو خير الوارثين.
كان الواثق جهّز لحرب أحد أمراء المصامدة، فكان وزيره داخله في ذلك وسائل من ذلك السيد أبا زيد ابن السيد أبي عمران خليفته وأخبره بما سمع، وأمره بالقبض عليه وقتله فأنفذ ذلك. ثم ارتحل الى السوس لتمهيده، وحسم هلال بن بدر فيه وقدّم يحيى بن وانودين لاستنفار قبائل السوس من كزولة ولمطة وكنفيسة وصناكة وغيرهم، وسار يتعدّى المنازل ويستنفر القبائل وهو بتارودنت فوجدها قفرا خلاء إلّا قليلا من الدور بخارجها، ونزل على حميدين صهر علي بن بدر وقريبه بحصن تيسخت على وادي السوس، كان لصنهاجة فغلبهم عليه ابن بدر وملكه فنازله أبو دبّوس وحاصره أياما وهزم فيها جموعه.
وداخل محمد بن علي بن زكدان في إفراج أبي دبّوس على سبعين ألف دينار يؤدّيها إليه، فأعجله الفتح من ذلك ونجا بدمائه إلى بيته، وطولب بالمال وبقي معتقلا عند ابن زكدان، وامتنع على ابن بدر بحصنه، ثم أطاع ووصلت رسله بطاعته فانصرف الواثق إلى حضرته ودخلها سنة خمس وستين وستمائة وبلغه الخبر بانتقاض يعقوب بن عبد الحق وأنهى إليه فبعث بمرتبة إلى تلمسان صحبة أبي الحسن بن قطرال وابن أبي عثمان رسول يغمراسن. خرج إليهم من مراكش ابن أبي مديون الونكاسي دليلا وسلك بهم على الثغر إلى سجلماسة، وبها يحيى بن يغمراسن فبعثهم مع بعض المعقل إلى أبيه، وألفوه بجهة مليانة فأقام ابن قطرال بتلمسان ينتظره. وكان يعقوب بن عبد الحق لما بلغه ذلك نهض إلى مراكش بجيوش بني مرين ونزل بضواحي مراكش، وأطاعه أهل النواحي ونهض إليه أبو دبّوس بعساكر الموحّدين فاستجرّه يعقوب إلى وادي أعفر. ثم ناجزه الحرب فاختلّ مصافه وفرّ عسكره وانهزم يريد مراكش والقوم في اتباعه، فأدرك وقتل وبادر يعقوب بن عبد الحق فدخل مراكش في المحرّم فاتح سنة ثمان وستين وستمائة، وفرّ بقية المشيخة من الموحّدين إلى معاقلهم بعد أن كانوا