للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤمن بن السلطان أبي علي، فاعتقل عبد المؤمن وأمكن أبا الفضل من إمارته على ما نذكر بعد. وساءت الحال بينه وبين عمر ونهض إليه من فاس بجموع بني مرين وكافة العساكر، واعتصم بجبله وقومه واستبد على الأمر من بعده [١] . ووصل عبد المؤمن من معتقله يجأجئ به بنو مرين لما كانوا يؤملون من ولايته واستبداده لما آسفهم من حجر الوزراء لملوكهم. فلما رأوا استبداد عامر عليه أعرضوا عنه، وانعقد السلم بينه وبين عمر بن عبد الله على ما كان عليه من مقاسمته إياه في أعمال المغرب، ورجع واستقل عامر بناحية مراكش وأعمالها، حتى إذا هلك عمر بن عبد الله بيد عبد العزيز ابن السلطان أبي الحسن كما نذكره، حدثت أبا الفضل بن السلطان أبي سالم نفسه بالفتك بعامر بن محمد كما فتك عمه بعمر بن عبد الله. ونذر بذلك فاحتمل كرائمه وصعد إلى داره بالجبل، ففتك أبو الفضل بعبد المؤمن ابن عمه لأنه كان معتقلا بمراكش. واستحكمت لذلك النقرة بينه وبين عامر بن محمد. وبعث إلى السلطان عبد العزيز فنهض من فاس في جموعه سنة تسع وستين وسبعمائة.

وفرّ أبو الفضل فلحق بتادلّا، وتقبّض عليه عمه السلطان عبد العزيز وقتله كما نذكر في أخباره. وطلب عامرا في الوفادة فخشيه على نفسه، واعتصم بمعقله فرجع إلى حضرته، واستجمع عزائمه. وعقد على مراكش وأعمالها لعلي بن أجانا من صنائع دولتهم، وأوعز إليه بمنازلة عامر فدافعه عامر وقومه عن معتصمه، وأوقع به وتقبّض على طائفة من بني مرين وصنائع السلطان في المعركة أودعهم سجنه، فحرّك بها عزائم السلطان، ونهض إليه في قومه من بني مرين وعساكر المغرب وأحاط به ونازلة حولا كريتا [٢] . ثم تغلب عليه سنة إحدى وسبعين وسبعمائة، وانفضّت جموعه.

وتقبّض عليه عند اقتحام الجبل فسيق أسيرا إلى السلطان فقيّده، وقفل به إلى الحضرة. ولما قضى نسك الفطر من سنته أحضره ووبّخه. ثم أمر به فتلّ إلى مصرعه، واثخن جلدا بالسياط وضربا بالمقارع حتى فاض عفا الله عنه. وعقد السلطان على قومه لفارس ابن أخيه عبد العزيز، كان نزع إليه بين يدي مهلك عمّه، وعفا عن ابنه أبي يحيى بسابقته إلى الطاعة قبيل اقتحام الجبل عليهم، أشار


[١] وفي نسخة أخرى: على الأميرين عنده.
[٢] هكذا في النسخة التونسية وبياض في النسخة المصرية. ومقتضى السياق حولا كاملا.

<<  <  ج: ص:  >  >>