للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جبل هنتاتة. وكان عبد العزيز بن محمد شيخا عليهم منذ مغيب عامر، وكان في جملته، وخلص معه فأنزله عبد العزيز بداره، وتآمر هو وقومه على إجارته والموت دونه فاعتصم بمعقلهم. وجاء السلطان أبو عنان في كافة بني مرين إلى مراكش فخيم بظاهرها واحتشد لحصارهم أشهرا حتى هلك السلطان أبو الحسن كما نذكره بعد، فحملوه على الأعواد ونزلوا على حكم أبي عنّان فأكرمهم ورعى لهم وسيلة هذا الوفاء، وعقد لعبد العزيز على إمارته، واستقدم عامرا كبيرهم من مكانه بالمرية، فقام بهنّ لأمانته من حظايا السلطان وحرمه فلقاه السلطانة مبرّة وتكريما، وأناله من اعتنائه حظا.

وتخلّى له أخوه عبد العزيز عن الأمر فأقرّه نائبا. ثم عقد السلطان لعامر سنة أربع وخمسين وسبعمائة على سائر المصامدة واستعمله لجبايتهم فقام بها مضطلعا، وكفاه هم الأعمال المراكشية حتى عرف عناءه فيها وشكر له كفايته. وهلك السلطان أبو عنّان واستبدّ على ابنه السعيد ووزيره الحسن بن عمر المودودي [١] . وكان ينفس عليه ما كان له من الترشيح للرتبة، وبينهما في ذلك شحناء، فخشي بادرته وخرج من مراكش، إلى معقلة في جبل هنتاتة، وحمل معه ابن السلطان أبي عنّان الملقّب بالمعتمد. وكان أبوه عقد له يافعا قبيل وفاته على مراكش لنظر عامر فخلص به إلى الجبل، حتى إذا استوت قدم السلطان أبي سالم في الأمر واستقل بملك المغرب سنة ستين وسبعمائة وفد عليه عامر بن محمد مع رسله إليه، وأوفد ابن أخيه محمد المعتمد فتقبّل السلطان وفادته، وشكر وفاءه، وأقام ببابه مدّة. ثم عقد له على قومه، ثم استنفره معه إلى تلمسان، ولم يزل مقيما ببابه إلى قبيل وفاته فأنفذه لمكان إمارته.

ولما هلك السلطان أبو سالم واستبد بالمغرب بعده عمر بن عبد الله بن عمر على ما نذكره، وكانت بينه وبين عامر بباب السلطان صداقة وملاطفة، وصل يده بيده، وأكد العهد معه على سد تلك الفرجة، وحوّل عليه في حوط البلاد المراكشيّة وأن لا يؤتى من قبله، وكان زعيما بذلك. وعقد له على الأعمال المراكشيّة وما إليها إلى وادي أم ربيع. وفوّض إليه أمر تلك الناحية، واقتسما المغرب شق الأبلّمة [٢] وخلص إليه الأعياص من ولد السلطان أبي سعيد أبو الفضل بن السلطان أبي سالم، وعبد


[١] كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة أخرى: الغودودي.
[٢] وفي النسخة الباريسية: الأبلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>