وابن يغمور وغيرهم منهم على أثره. واختصّ بصحابة المهديّ فانتظم في العشرة السابقين إلى دعوته. وكان تلو عبد المؤمن فيهم، ولم تكن مزية عبد المؤمن عليه إلّا من حيث صحابة المهدي.
وأمّا في المصامدة فكان كبيرهم غير مدافع، وكان يسمى بين الموحّدين بالشيخ كما كان المهديّ يسمى بالإمام، وعبد المؤمن بن يحيى بن محمد بن وانودين بن علي بن أحمد بن والال بن إدريس بن خالد بن اليسع بن إلياس بن عمر بن وافتن بن محمد ابن نجية بن كعب بن محمد بن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطّاب، هكذا نسبه ابن نخيل وغيره من الموحّدين. ويظهر منه أنّ هذا النسب القرشيّ وقع في المصامدة والتحم بهم، واشتملت عليه عصبيّته شأن الأنساب التي تقع من قوم إلى قوم وتلتحم بهم كما قلناه أوّل الكتاب. ولما هلك الإمام وعهد بأمره الى عبد المؤمن، وكان بعيدا عن عصبية المصامدة إلا ما كان له من أثرة المهديّ واختصاصه فكتم موت المهدي وعهد عبد المؤمن ابتلاء لطاعة المصامدة. وتوقّف عبد المؤمن عن ذلك ثلاث سنين، ثم قال له أبو حفص نقدّمك كما كان الإمام يقدّمك فعلم أنّ أمره منعقد. ثم أعلن ببيعته وأمضى عهد الإمام بتقديمه وحمل المصامدة على طاعته، فلم يختلف عليه اثنان. وكان الحل والعقد في المهمات إليه سائر أيام عبد المؤمن وابنه يوسف، واستكفوا به نوائب الدعوة فكفاهم همّها. وكان عبد المؤمن يقدّمه في المواقف فبلى فيها [١] . وبعثه على مقدّمته حين زحف إلى المغرب الأوسط قبل فتح مراكش سنة سبع وثلاثين وخمسمائة وزناتة كلّهم مجتمعون بمنداس لحرب الموحّدين مثل بني ومانو وبني عبد الواد وبني ورسيغان وبني توجين وغيرهم، فحمل زناتة على الدعوة بعد أن أثخن فيهم. ولأوّل دخول عبد المؤمن لمراكش خرج عليه الثائر بماسة، وانصرفت إليه وجود الغوغاء وانتشرت ضلالته في النواحي وتفاقم أمره، فدفع لحربه الشيخ أبا حفص فحسم داءه ومحا أثر غوايته.
ولما اعتزم عبد المؤمن على الرحلة إلى إفريقية حركته الأولى لم يقدّم شيئا على استشارة أبي حفص. ولما رجع منها وعهد إلى ابنه محمد خالفه الموحّدون، ونكروا ولاية ابنه، فاستدعى أبا حفص من مكانه بالأندلس، وحمل الموحّدين على البيعة له.