للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأنّه البدر والعلياء هالته ... تحفّ من حوله شهب القنا حرسا

له الثرى والثريّا خطّتان فلا ... أعزّ من خطّتيه ما سما ورسا

يا أيّها الملك المنصور أنت لها ... علياء توسع أعداء الهدى تعسا

وقد تواترت الأنباء أنّك من ... يحيى بقتل [١] ملوك الصفر أندلسا

طهّر بلادك منهم إنّهم نجس ... ولا طهارة ما لم تغسل النجسا

وأوطئ الفيلق الجرّار أرضهم ... حتّى يطأطئ رأس كل من رأسا

وانصر عبيدا بأقصى شرقها شرقت ... عيونهم أدمعا تهمي زكاء وخسا

هم شيعة الأمر وهي الدار قد نهكت ... داء متى لم تباشر حسمه انتكسا

املأ هنيئا لك التمكين ساحتها ... جردا سلاهب أو خطّية دعسا

واضرب لها موعدا بالفتح ترقبه [٢] ... لعلّ يوم الأعادي قد أتى وعسا

فأجاب الأمير أبو زكريا داعيتهم، وبعث إليهم أسطوله مشحونا بمدد الطعام والأسلحة والمال، مع أبي يحيى بن يحيى بن الشهيد أبي إسحاق بن أبي حفص. وكانت قيمة ذلك مائة ألف دينار. وجاءهم الأسطول بالمدد وهم في هذا الحصار، فنزل بمرسى دانية واستفرغ المدد بها ورجع بالناضّ إذا لم يخلص إليه من قبل ابن مردنيش من يتسلّمه. واشتدّ الحصار على أهل بلنسية، وعدمت الأقوات وكثر الهلاك من الجوع، فوقعت المراودة على إسلام البلد فتسلّمها جاقمة ملك أرغون في صفر سنة ست وثلاثين وستمائة، وخرج عنها ابن مردنيش إلى جزيرة شقر، فأخذ البيعة على أهلها للأمير أبي زكريّا. ورجع ابن الأبّار إلى تونس، فنزل على السلطان وصار في جملته، وألحّ العدوّ على حصار ابن مردنيش بجزيرة شقر، وأزعجه عنها إلى دانية فدخلها في رجب من سنته، وأخذ عليهم البيعة للأمير أبي زكريا.

ثم داخل أهل مرسية، وقد كان بويع بها أبو بكر عزيز بن عبد الملك ابن خطّاب في مفتتح السنة، فافتتحها عليه في رمضان من سنته وقتله، وبعث ببيعتهم إلى الأمير أبي زكريا. وانتظمت البلاد الشرقية في طاعته، وانقلب وفد ابن مردنيش إليه من تونس بولايته على عمله سنة سبع وثلاثين وستمائة، ولم يزل بها إلى أن غلبه ابن هود


[١] وفي نسخة أخرى: تقبل.
[٢] وفي نسخة أخرى: للفتح نرقبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>