للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالملك والسّلطان فدفع لعلم من قام به من سواهم وأصبح حرفة للمعاش وشمخت أنوف المترفين وأهل السّلطان عن التّصدّي للتّعليم واختصّ انتحاله بالمستضعفين وصار منتحله محتقرا عند أهل العصبيّة والملك والحجّاج بن يوسف كان أبوه من سادات ثقيف وأشرافهم ومكانهم من عصبيّة العرب ومناهضة قريش في الشّرف ما علمت ولم يكن تعليمه للقرآن على ما هو الأمر عليه لهذا العهد من أنّه حرفة للمعاش وإنّما كان على ما وصفناه من الأمر الأوّل في الإسلام ومن هذا الباب أيضا ما يتوهّمه المتصفّحون لكتب التّاريخ إذا سمعوا أحوال القضاة وما كانوا عليه من الرّئاسة في الحروب وقود العساكر فتترامى بهم وساوس الهمم إلى مثل تلك الرّتب يحسبون أنّ الشّأن خطّة القضاء لهذا العهد على ما كان عليه من قبل ويظنّون بابن أبي عامر صاحب [١] هشام المستبدّ عليه وابن عبّاد من ملوك الطّوائف بإشبيليّة إذا سمعوا أنّ آباءهم كانوا قضاة أنّهم مثل القضاة لهذا العهد ولا يتفطّنون لما وقع في رتبة القضاء من مخالفة العوائد كما نبيّنه في فصل القضاء من الكتاب الأوّل وابن أبي عامر وابن عبّاد كانا من قبائل العرب القائمين بالدّولة الأمويّة بالأندلس وأهل عصبيّتها وكان مكانهم فيها معلوما ولم يكن نيلهم لما نالوه من الرّئاسة والملك بخطّة القضاء كما هي لهذا العهد بل إنّما كان القضاء في الأمر القديم لأهل العصبيّة من قبيل [٢] الدّولة ومواليها كما هي الوزارة لعهدنا بالمغرب وانظر خروجهم بالعساكر في الطّوائف [٣] وتقليدهم عظائم الأمور الّتي لا تقلّد إلّا لمن له الغنى [٤] فيها بالعصبيّة فيغلط السّامع في ذلك ويحمل الأحوال على غير ما هي وأكثر ما يقع في هذا الغلط ضعفاء البصائر من أهل الأندلس لهذا العهد


[١] كذا بالأصل في جميع النسخ، وأظنها تحريف من الناسخ وصوابها (حاجب هشام) وهشام هذا هو أحد ملوك الأندلس، وكان ابن أبي عامر حاجبا له.
[٢] بمعنى جماعة الدولة.
[٣] كذا بالأصل في جميع النسخ والغالب أنه تحريف عن «صوائف» وهي غزوات الصين.
[٤] كذا بالأصل في جميع النسخ ولا معنى لها هنا والصحيح، الغناء بمعنى الاجزاء والكفاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>