للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن فسّر كتاب الله المعجز عجز أرباب البلاغة بإعجاز بعد إعجازه، وإن تعرّض لعوارض ألفاظه أظهر العجب في اختصاره [١] وإيجازه. وإن شرع في شرح قصصه وجدله، وفي تفسير ترغيبه وترهيبه. ومثله يبصر الناظر فيه والمستمع لما لم يسمع وما لم يبصر، فإنه سلك بقدم كماله وتكميله على قنطرة بعد لم تعبر ويضطر الزعيم به بتحصيله إلى تجديد قنطرة أخرى، وبعد هذا يفتقر في بيانه إليه في الأولى وإلى الله في الأخرى. وإن تكلّم على متشابهه ومحكمه علم الاصطلاح. ثم بيان النوع للخبير به وبمحكمه، وكذلك القول على الناسخ والمنسوخ والوعد والوعيد. وإن يشاء طول في مطولاتهم واختصر من مختصراتهم، فبيده الزيادة وضد المزيد، وأما تحرير أمره ونهيه وأسراره ورقائقه، وفواتح سوره وحقائقه. والّذي يقال إنه لا من جنس الّذي يكتسب والّذي هو أعظم من الّذي يرد، وإليه الأحوال تنتسب فهو الشارح لها والخبير بها، وإن تأخّر. وينوّع في ذلك ويزيد غير الأول وإن تكرّر. وأما علوم الحديث وأنواعها السبعة فهو بعلمها، وصناعته بجملتها للعلماء يعلمها. والوراقة والضبط والخط وقفت عليه مهنة غايتها، وحمله الأمر علوم الشريعة كلّها عرفها ووعاها ورعاها حق رعايتها. وكل العلوم العقليّة والنقليّة ورجالها على ذهنه الطاهر من دنس النسيان، والمقامات السنيّة المستنزلات العلويّة أدركها بعد التبيان. فمن أراد أن يمدحه ويعدل عن إطلاق القول فقد اقترف أعظم الذنب. ومن ذكره ولم يتلذّذ بذلك فقد جاء بما ينضح حمله الخبب، ونعوت جمالها يمنع عن إدراكها نور المتصل، وحضرة جلاله محفوظة بجدّها وجدّها وقاطعها المنفصل. ذلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ من يَشاءُ، ٥: ٥٤ قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ ٣: ٢٦ الله أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ. ٦: ١٢٤ هذه كلّها. آياته والرابعة: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ الله لا تُحْصُوها ١٦: ١٨ فإنّها هباته إن حدّث المحدّث بكرمه يقول، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال ولا يعده، ونصر الله إذا جاء لا يردّه، وفتحه من ذا الّذي عن السعيد يصدّه، والمؤرّخ يتذكّر بتذكره الكلمات الهذلي من حيث المطالب، إذ قال: وقد سئل عن الإمام علي بن أبي طالب هو الإمام وفيه أربعة وهو واحدها حتى في رفع التشبيه وقطع السبب، العلم والحلم والشجاعة وفضل الحسب، يسرّ


[١] كذا، وفي ب: اختياره، وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>