الكمالات كالأعراض، فمن ذلك ذكر الملّة التي كملت وكبرت، والأخرى التي كانت ثم غمرت وصغرت. والمنبر الّذي صعد خطب خطبته على الخطيب، وعرج إلى سماء السموّ وهو على درجه، والآخر الّذي درج عنه خطيبه وضاق صدره الأمر حرجه، وقرئت سورة الإمام بحرف المستنجد المستبصر، لا بحرف المستعصم بن المستنصر.
بسط القول وأطلق ترجمة عبد الله بعد ما قبضه الّذي أمات وأحيا، وقبض على مقامه ودفع للإمام محمد بن يحيى، وكان ذلك في يوم وصول الخبر بمصيبة الاختبار، ثم في ليلة الآيات والاعتبار. ومن ذلك أيضا بعمة الحمد والدعاء الظاهر القول والمقبول في الحرم الشريف، وانقياد الّذي ظهر على طائفة الحق والسيد والشريف. ومن ذلك صعود علم الأعلام على جبل معظم الحجّ ومقرّ وفوق الحاج، ووقف به المتكلم في مقام من كانت له سقاية الحاج، وذكر كما يجب بما يجب في موقف الإمام مالك، وعرف هنالك أنه الإمام والمالك لكل مالك، وتعرّفت نكرة دعوة التوحيد بتخصيص خصوصية المخصوص بعرفة، وتعارف بها من تعارف معه هناك ونعم التعارف والمعرفة.
ثم ذكر عند المشعر الحرام وفي جهات حدود حرم المسجد الحرام، وعظم اسمه بعد ذكر الله وذكر الوالدين، وطلع الذاكر بالتركيب إلى الجدّين الساكنين في الخلد والخالدين. فلمّا وصل الحجيج إلى عقبة الجمرات، ذكر مع السبع الأولى سبع مرّات. وكذلك عند الركوع في مسجد الخيف، وكل كلمات تمجيده بالكم والكيف، وعند التوجّه من هناك ويوم النفر قرّرت آياته المذكورة في كتاب الجفر.
ثم جدد الذكر حول البيت العتيق بالحمد والشكر. فلمّا وصل العلم بانتقال بيت الملك والسلطان من بغداد في شهر رمضان، أظهر الخفي المكنون فكان ذلك مع التسبيح والقرآن، وكان الخادم في الزمان الأول وفي الذاهب ينتظر الخطفة من نحو عراق والمغرب. والآن وجد نفسها من نحو اليمن إقليم الأعراب والعرب.
والّذي حمل على هذا كلّه طاعة كاملة وغبطة عاملة، والله تعالى بفضله يعصمه من كيد المعاند، فإنه في إظهار دعوة التوحيد كالمجاهد والمكابد، ومعاد التحيّة على المقام الأرفع والمقرّ الأنفع، وعلى خدام حضرته العلية، وأرباب دعوته الجليّة وأنواع رحمته تعالى وبركاته. والحمد للَّه كما يجب وصلى الله على نبيّه محمد وعلى آله وسلّم.