للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العرب من كل جهة، فرأى السلطان من مذاهب الحزم أن يبعث إليه بالحاجب ابن أبي عبد الرحمن بن غمر ليشيد من سلطانه، ويشتغل أهل الحضرة عنه، فورّى بالفرار عن السلطان وتواطأ معه على المكر بابن مخلوف في ذلك.

ولحق ابن عمر باللحياني واستحثّه لملك تونس وهوّن عليه الأمر، وغدا السلطان عند فصول ابن غمر على منازله فكبسها وسطا بحاشيته، وولّى حجابته حسن بن إبراهيم ابن أبي بكر بن ثابت رئيس أهل الجبل المطل على قسنطينة والفل من كتامة، يعرف قومه ببني نهلان [١] ، وكان قد اصطنعه من قبل، وارتحل بالعساكر إلى بجاية سنة اثنتي عشرة وسبعمائة، واستخلف على قسنطينة عبد الله بن ثابت أخا الحاجب.

وأشيع بالجهات أن السلطان تنكّر لابن غمر وسخطه، وأنه ذهب إلى ابن اللحياني واستجاشه على الحضرة، وبلغ ذلك ابن مخلوف واستيقن اضطراب حال السلطان خالد بتونس فطمع في حجابة السلطان أبي بكر، وتوثّق لنفسه منه بالعهد بمداخلة عثمان بن شبل بن عثمان بن سبّاع بن يحيى من رجالات الزواودة والولي يعقوب الملاذي [٢] من نواحي قسنطينة. وأغذّ السير من بجاية ولقي السلطان بغرجيوه من بلاد سدويكش فلقّاه مبرّة ورحبا. ثم استدعاه من جوف الليل إلى رواقه في سرب من مواليه فعاقرهم الخمر إلى أن ثمل، واستغضبوه ببعض النزعات فغضب وأقزع فتناولوه طعنا بالخناجر إلى أن قتلوه، وجرّوا شلوه فطرحوه بين الفساطيط، وتقبّض على سائر قومه وحاشيته، وفرّ كاتبه عبد الله بن هلال فلحق بالمغرب. وارتحل السلطان مغذّا إلى بجاية فدخلها وظفر بها، وتملّك بها حتى ربا ملكه وعلا، وكان دخوله إلى بجاية على حين غفلة من أهلها واستولى السلطان على سائر المملكة التي كانت تحت إيالة أبيه بالجهة المعروفة بالناحية الغربية، وتكمل واستوثق له أمرها، وأقام في انتظار صاحبه ابن غمر إلى أن كان من الأمر ما نذكره إن شاء الله تعالى.


[١] وفي النسخة الباريسية: ضيلان وفي نسخة أخرى نليلان وفي نسخة ثانية: تيلان.
[٢] وفي نسخة ثانية: الملاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>