للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففلّوهم، وامتنعت عليه باغاية وكاتب أبو يزيد البربر الذين حول قصطيلة من بني واسين وغيرهم، فحاصروا توزر سنة ثلاث وستين وثلاثمائة ورحل إلى تبسة فدخلها صلحا، ثم إلى بجاية كذلك، ثم إلى مرماجنّة. كذلك، وأهدوا له حمارا أشهب فلزم ركوبه حتى اشتهر به. وبلغ خبره عساكر كتامة بالاربص [١] فانفضوا وملك الأربص وقتل إمام الصلاة بها. وبعث عسكرا إلى تبسة فملكوها وقتلوا عاملها. وبلغ الخبر القائم وهو بالمهديّة فهاله. وسرّح العساكر لضبط المدن والثغور، وسرّح مولاه بشرى الصقلّي إلى باجة، وعقد لميسور على الجيوش فعسكر بناحية المهدية، وسرّح خليل بن إسحاق إلى القيروان فعسكر بها. وزحف أبو يزيد إلى بشرى بباجة، واشتدّت الحرب بينهم، وركب أبو يزيد حماره وأمسك عصاه فاستمالت النكارية، وخالفوا بشرى إلى معسكره فانهزم إلى تونس، واقتحم أبو يزيد باجة واستباحها، ودخل بشرى إلى تونس وارتدت البرابر من كل ناحية فأسلم تونس ولحق بسوسة.

واستأمن أهل تونس إلى أبي يزيد فأمّنهم وولّى عليهم، وانتهى إلى وادي مجدرة [٢] فعسكر بها. ووافته الحشود هنالك. ورعب الناس منه فأجفلوا إلى القيروان، وكثرت الأراجيف وسرّب أبو يزيد جيوشه في نواحي إفريقية، فشنّوا الغارات وأكثروا السبي والقتل والأسر. ثم زحف إلى رقادة فانفضّ كتامة الذين كانوا بها ولحقوا بالمهديّة.

ونزل أبو يزيد رقادة في مائة ألف.

ثم زحف إلى القيروان فانحصر بها خليل بن إسحاق ثم أخذه بعد مراوضة في الصلح، وهمّ بقتله فأشار عليه أبو عمّار باستبقائه فلم يطعه وقتله. ودخلوا القيروان فاستباحوها ولقيه مشيخة الفقهاء فأمّنهم بعد التقريع والعتب، وعلى أن يقتلوا أولياء الشيعة، وبعث رسله في وفد من أهل القيروان إلى الناصر الأموي صاحب قرطبة ملتزما لطاعته والقيام لدعوته وطالبا لمدده، فرجعوا إليه بالقبول والوعد. ولم يزل يردّد ذلك سائر أيام الفتنة حتى أوفد ابنه أيوب في آخرها سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة، فكان له اتصال بالناصر سائر أيامه. وزحف ميسور من المهديّة بالعساكر وفرّ عنه بنو كملان من هوّارة ولحقوا بأبي يزيد وحرّضوه على لقاء ميسور، فزحف إليه واستوى اللقاء.

واستمات أبو يزيد والنكارية فانهزم ميسور وقتله أبو كملان وبعث برأسه إلى القيروان،


[١] وفي نسخة ثانية: الأربس وكذلك في معجم البلدان.
[٢] وفي نسخة ثانية: مجردة.

<<  <  ج: ص:  >  >>