للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورجال الدولة، وقلّدها الصنائع من أرباب السيوف والأقلام، وعوّل في ضبط ما وراء ذلك على ملوك زناتة وتعهّدهم بالجوائز والخلع، وصار إلى إكرام وفودهم وإثبات من رغب في الإثبات في ديوان السلطان منهم، فجدّدوا في ولاية الدولة وبث الدعوة.

وفسد ما بين أمير العدوة جعفر بن علي وأخيه يحيى واقتطع يحيى مدينة البصرة لنفسه وذهب بأكثر الرجال. ثم كانت على جعفر النكبة التي نكبه برغواطة في غزاتة إياهم، واستدعاه محمد بن أبي عامر لأول أمره لما رآه من استقامته إليه، وشدّ أزره وتلوّى عليه كراهية لما يلقى بالأندلس من الحكم. ثم أصلحه وتخلّى لأخيه عن عمل المغرب وأجاز البحر إلى ابن أبي عامر فحلّ منه بالمكان الأثير، وتناغت زناتة في التزلّف إلى الدولة بقرب الطاعات، فزحف خزرون بن فلفول سنة ست وستين وثلاثمائة إلى مدينة سجلماسة فاقتحمها ومحى دولة آل مدرار منها، وعقد له المنصور عليها كما ذكرنا ذلك قبل.

وزحف عقب هذا الفتح بلكّين بن زيري قائد إفريقية للشيعة إلى المغرب سنة تسع وستين وثلاثمائة زحفه المشهور وخرج محمد بن أبي عامر من قرطبة إلى الجزيرة لمدافعته بنفسه، واحتمل من بيت المال مائة حمل ومن العساكر ما لا يحصى عدّه. وأجاز جعفر بن علي بن حمدون إلى سبتة، وانضمّت إليه ملوك زناتة ورجع بلكّين عنهم إلى غزو برغواطة إلى أن هلك سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة كما ذكرناه.

ورجع جعفر إلى مكانه من ابن أبي عامر، لم يسمح بمقامه عنه، ووصل حسن بن كنون خلال ذلك من القاهرة بكتاب العزيز نزار بن معدّ إلى بلكّين صاحب إفريقية في إعانته إلى ملك المغرب وإمداده بالمال والعساكر، فأمضاه بلكّين لسبيله، وأعطاه مالا ووعده بإضعافه ونهض إلى المغرب فوجد طاعة المروانية قد استحكمت فيه.

وهلك بلكّين أثر ذلك وشغل ابنه المنصور عن شأنه فدعا لحسن بن كنون إلى نفسه، وأنفذ أبو محمد بن أبي عامر ابن عمه محمد بن عبد الله ويلقّب عسكلاجة لحربه سنة خمس وسبعين وثلاثمائة وجاء أثره إلى الجزيرة كيما يشارف القصة، وأحيط بالحسن بن كنون فسأل الأمان وعقد له مقارعه عمر وعسكلاجة، وأشخصه إلى الحضرة فلم يمض ابن أبي عامر أمامه، ورأى أن لا ذمّة له لكثرة نكثة فبعث من ثقاته من أتاه برأسه، وانقرض أمر الأدارسة وانمحى أثرهم فأغضب عمر وعسكلاجة لذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>