للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكانت ولاية تلمسان وأمصارها في عقبه، واقتسموا ولاية ثغورها الساحلية فكانت تلمسان لولد إدريس بن محمد بن سليمان، وأرشكول لولد عيسى بن محمد، وتنس لولد إبراهيم بن محمد، وسائر الضواحي من أعمال تلمسان لبني يفرن ومغراوة.

ولم يزل الملك بضواحي المغرب الأوسط لمحمد بن خزر كما قلناه إلى أن كانت دولة الشيعة واستوثق لهم ملك إفريقية. وسرّح عبيد الله المهدي إلى المغرب عروبة بن يوسف الكتاميّ في عساكر كتامة سنة ثمان وتسعين ومائتين، فدوّخ المغرب الأدنى ورجع. ثم سرّح بعده مصالة بن حبّوس إلى المغرب في عساكر كتامة، فاستولى على أعمال الأدارسة واقتضى طاعتهم لعبيد الله. وعقد على فاس ليحيى بن إدريس بن عمر آخر ملوك الأدارسة. وخلع نفسه ودان بطاعتهم، وعقد له مصالة على فاس، وعقد لموسى بن أبي العالية أمير مكناسة وصاحب تازة [١] ، واستولى على ضواحي المغرب، وقفل إلى القيروان. وانتقض عمر بن خزر من أعقاب محمد بن خزر الداعية لإدريس الأكبر، وحمل زناتة وأهل المغرب الأوسط على البرابرة من الشيعة وسرّح عبيد الله المهدي مصالة قائد المغرب في عساكر كتامة سنة تسع وثلاثمائة، ولقيه محمد ابن خزر في جموع مغراوة وسائر زناتة ففلّ عساكر مصالة وخلص إليه فقتله، وسرّح عبيد الله ابنه أبا القاسم في العساكر إلى المغرب سنة عشر وثلاثمائة، وعقد له على حرب محمد بن خزر وقومه، فأجفلوا إلى الصحراء، واتبع آثارهم إلى ملوية فلحقوا بسجلماسة وعطف أبو القاسم على المغرب فدوّخ أقطاره وجال في نواحيه وجدّد لابن أبي العافية على عمله ورجع ولم يلق كيدا.

(ثم إنّ الناصر) صاحب قرطبة سما له أمل في ملك العدوة، فخاطب ملوك الأدارسة وزناتة، وبعث إليهم خالصته محمد بن عبيد الله بن أبي عيسى سنة ستة عشر وثلاثمائة فبادر محمد بن خزر إلى إجابته وطرد أولياء الشيعة من الزاب. وملك شلب وتنس من أيديهم، وملك وهران وولّى عليها ابنه المنير [٢] ، وبثّ دعوة الأموية في أعمال المغرب الأوسط ما عدا تاهرت. وبدأ في القيام بدعوة الأموية إدريس بن إبراهيم


[١] تازة: مدينة متوسطة من أقدم المدن المغربية، تقع وسط قبيلة غياثة في منتصف الطريق بين مكناس ووجدة في موقع جبلي ممتاز بين الأطلس المتوسط وجبال الريف في ممر استراتيجي عظيم بين الغرب الشرقي وسهول فاس (كتاب المغرب ص ٧٤) .
[٢] وفي نسخة ثانية: الخير.

<<  <  ج: ص:  >  >>