للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واتسعت في التمدّن بما صارت محطّا لركاب الحاج من السودان، وقفل التجّار إلى مصر والاسكندرية عند اراحتهم من قطع المفازة ذات الرمال المعترضة أمام طريقهم دون الأرياف والتلول، وبابا لولوج تلك المفازة والحاج والتجر في مرجعهم ومنهم ببلد الحامة [١] غربيّ قابس أمّة عظيمة من بني ورتاجن. وفرّت منهم حاميتها، واشتدّت شوكتها ورحل إليها التجر بالبضائع لنفاق أسواقها، وتبحّر عمرانها، وامتنعت لهذا العهد على من يرومها ممن يجاورها، فهم لا يؤدّون خراجا ولا يسامون بمغرم، حتى كأنهم لا يعرفونه عزة جناب، وفضل بأس ومنعة. ويزعمون أنّ سلفهم من بني ورتاجن اختطّوها، ورياستهم في بيت منهم يعرفون ببني وشاح، ولربّما طال على رؤسائهم عهد الخلافة ووطأة الدولة فيتطاولون إلى التي تنكر على السوقة من اتخاذ الآلة، ويبرزون في زيّ السلطان أيام الزينة تهاونا بشعار الملك، ونسيانا لمألوف الانقياد شأن جيرانهم رؤساء توزر ونفطة. وسابق الغاية في هذه الضحكة هو يملول مقدّم توزر.

(ومن بني واسين) هؤلاء بقصور مصاب على خمس مراحل من جبل قيطري في القبلة لما دون الرمال على ثلاث مراحل من قصور بني ريغة في المغرب، وهذا الاسم للقوم الذين اختطّوها ونزلوها من شعوب بني يادين [٢] حسبما ذكرناهم الآن.

وضعوها في أرض حرّة على أحكام [٣] وضراب ممتنعة في قننها. وبينها وبين الأرض المحجرة المعروفة بالجمادة في سمت العرق متوسطة فيه قبالة تلك البلاد على فراسخ في ناحية القبلة، وسكانها لهذا العهد شعوب بني يادين من بني عبد الواد وبني توجين ومصاب وبني زردال فيمن انضاف إليهم من شعوب زناتة، وإن كانت شهرتها مختصة بمصاب، وحالها في المباني والاغتراس وتفرّق الجماعات بتفرّق الرئاسة شبيهة بحال بني ريغة والزاب. ومنهم بجبل أوراس بإفريقية طائفة من بني عبد الواد موطّنوه منذ العهد القديم لأوّل الفتح، معروفون بين ساكنيه.

(وقد ذكر) بعض الأخباريين أنّ بني عبد الواد حضروا مع عقبة بن نافع في فتح المغرب عند ايغاله في ديار المغرب، وانتهائه إلى البحر المحيط بالسوس في ولايته


[١] وفي نسخة ثانية: ومنهم ببلاد الحمة.
[٢] وفي نسخة ثانية: بني يادين.
[٣] وفي نسخة ثانية: آكام.

<<  <  ج: ص:  >  >>