للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه واستلحمت زناتة، ورجع في الفلّ فأغرى هلال السلطان وألقى في نفسه التهمة به. ونمي ذلك إليه فلحق بالعرب الزواودة، وعقد مكانه على محاصرة بجاية ليحيى ابن موسى صاحب شلف، ونزل هو على سليمان ويحيى بن علي بن سبّاع بن يحيى من أمراء الزواودة في أحيائهم [١] فلقوه مبرة وتعظيما، وأقام بين أحيائهم مدّة، ثم استقدمه السلطان ورجع إلى محلّه من مجلسه. ثم تقبّض عليه لأشهر، وأشخصه إلى الجزائر فاعتقله بها وضيّق عليه محبسه ذهابا مع أغراض منافسة هلال، حتى إذا أسخط هلالا استدعاه من محبسه أضيق ما كان، فانطلق إليه. فلما تقبّض على هلال قلّد موسى بن عليّ حجابته، فلم يزل مقيما لرسمها إلى يوم اقتحم السلطان أبو الحسن تلمسان، فهلك مع أبي تاشفين وبنيه في ساحة قصرهم كما قلناه. وانقضى أمره والبقاء للَّه.

وانتظم بنوه بعد مهلكه في جملة السلطان أبي الحسن وكان كبيرهم سعيد قد خلص من بين القتلى في تلك الملحمة بباب القصر بعد هدوّ من الليل مثخنا بالجراح، وكانت حياته بعدها تعدّ من الغرائب، ودخل في عفو السلطان إلى أن عادت دولة بني عبد الواد، فكان له في سوقها نفاق حسبما نذكره والله غالب على أمره.

(وأمّا يحيى بن موسى) فأصله من بني سنوس إحدى بطون كومية، ولهم ولاء في بني كمين [٢] بالاصطناع والتربية. ولمّا فصل بنو كمين إلى المغرب قعدوا عنهم واتصلوا ببني يغمراسن واصطنعوهم، ونشأ يحيى بن موسى في خدمة عثمان وبنيه واصطناعهم. (ولما كان) الحصار ولّاه أبو حمو مهمة من التطواف بالليل على الحرس بمقاعدهم من الأسوار، وقسم القوت على المقاتلة بالمقدار، وضبط الأبواب والتقدّم في حومة الميدان [٣] ، وكان له أعوان على ذلك من خدّامه قد لزموا الكون معه في البكر والآصال. والليل والنهار، وكان يحيى هذا منهم فعرفوا له خدمته وذهبوا إلى اصطناعه وكان من أوّل ترشيحه ترديد أبي يوسف بن يعقوب بمكانه من حصارهم: فيما يدور بينهم من المضاربة، فكان يجلّي في ذلك ويوفي من عرض مرسلة [٤] ، ولما خرجوا من الحصار أربوا به على رتب الاصطناع والتنويه.


[١] وفي نسخة ثانية: المذكورين في أخبارهم.
[٢] وفي نسخة ثانية: بني كمي.
[٣] وفي نسخة ثانية: في حومة القتال.
[٤] وفي نسخة ثانية: ويؤتي غرض مرسلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>