للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يغمراسن. ولم يزل شأنهما ذلك إلى أن هلك يغمراسن بسدلونة [١] من بلاد مغراوة خاتمة إحدى وثمانين وستمائة وفي خلال ذلك استغاظ بنو مرين على بني عبد الواد، واستوسق لمحمد هذا ملكه، فتغلب على أوطان صنهاجة بجبال المدية، وأخرج الثعالبة من جبل تيطري بعد أن غدر بمشيختهم وقتلهم، فانزاحوا عنه إلى بسائط متيجة وأوطنوها. واستولى محمد على حصن المدية وهو المسمى بأهله لمديّة (بفتح اللام والميم وكسر الدال وتشديد الياء بعدها وهاء النسب في آخرها) . وهم بطن من بطون صنهاجة وكان المختط لها بلكّين بن زيري. ولما استولى محمد عليها وعلى ضواحيها انزل أولاد عزيز بن يعقوب من حشمه بها، وجعلها لهم موطنا وولاية. وفرّ بنو صالح ابن أخيه يوسف بن عبد القوي من مكانهم بين صنهاجة منذ مقتل أبيه يوسف كما ذكرناه. ولحقوا ببلاد الموحدين بإفريقية، فلقوهم مبرّة وتكريما. وأقطعوا لهم بضواحي قسنطينة، وكانوا يقولون عليهم أيام حروبهم وفي مواطن قتالهم.

وكان من أظهرهم عمر بن صالح وابناه صالح ويحيى بن عمر، وحافده يحيى بن صالح بن عمر في آخرين مشاهير.

وأعقابهم لهذا العهد بنواحي قسنطينة وفي إيالة الملوك من آل أبي حفص، يعسكرون معهم في غزواتهم ويبلون في حروبهم، ويقومون بوظائف خدمتهم. وكان الوالي من أولاد عزيز على المدية حسن بن يعقوب، وبنوه من بعده يوسف وعليّ، وكانت مواطنهم ما بين المدية وموطنهم الأوّل ماخنون. وكان بنو يدللتن أيضا من بني توجين قد استولوا على حصن الجعبات وقلعة تاوغزوت. ونزل القلعة كبيرهم سلامة بن علي مقيما على طاعة محمد بن عبد القوي وقومه، فاتصل ملك محمد بن عبد القوي في ضواحي المغرب الأوسط ما بين مواطن بني راشد إلى جبال صنهاجة بنواحي المدية، وما في قبلة ذلك من بلاد السرسو وجباله إلى أرض الزاب. وكان يبعد الرحلة في مشتاه فينزل الروسن ومغرة [٢] والمسيلة. ولم يزل دأبه ذلك. ولما هلك يغمراسن سنة إحدى وثمانين وستمائة كما ذكرناه استجدّت الفتنة بين عثمان ابنه وبين محمد بن عبد القوى على أثر ذلك سنة أربع وثمانين وستمائة وولي من بعده ابنه سيّد الناس، فلم تطل مدّة ملكه. وقتله أخوه موسى لسنة أو نحوها من بعده مهلك أبيه. وقام موسى بن


[١] وفي نسخة أخرى: شدبوية ولم يذكرها ياقوت الحموي في معجمه.
[٢] وفي نسخة ثانية: الدوسن والمقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>