للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عامين، أخاف فيها الناس وأساء السيرة. ثم هلك فنصب بنو تيغرين بعده أخاه عطية المعروف بالأصمّ، وخالفهم أولاد عزيز وجميع قبائل توجين فبايعوا ليوسف ابن زيان بن محمد. وزحفوا إلى جبل وانشريس فحاصروا به عطية وبني تيغرين عاما أو يزيد. وكان يحيى بن عطية كبير بني تيغرين هو الّذي تولّى البيعة لعطية الأصمّ.

فلما اشتدّ بهم الحصار واستفحل ملك يوسف بن يعقوب بمكانه من حصار تلمسان ورغبه في ملك جبل وانشريس فبعث معه الجيوش لنظر أخيه أبي سرحان، ثم أخيه أبي يحيى. وكان نهوض أبي يحيى سنة إحدى وسبعمائة، فتوغّل في ناحية الشرق، ولما رجع صمد إلى جبل وانشريس، فهدم حصونه، وقفل ونهض ثانية إلى بلاد بني توجين فشرّدهم عنها، وأطاعه أهل تافركينت، ثم انتهى إلى المدية فافتتحها صلحا، واختطّ قصبتها ورجع إلى أخيه يوسف بن يعقوب، فانتقض أهل تافركينت بعد صدوره عنهم. ثم راجع بنو عبد القوي بصائرهم في التمسّك بالطاعة. ووفدوا على يوسف بن يعقوب فتقبّل طاعتهم وأعادهم إلى بلادهم، وأقطعهم. وولّى عليهم علي بن الناصر بن عبد القوي، وجعل وزارته ليحيى بن عطية فغلبه على دولته، واستقام ملكه. وهلك خلال ذلك فعقد يوسف بن بن يعقوب مكانه لمحمد بن عطية الأصمّ، واستقام على طاعته وقتا، ثم انتقض بين يدي مهلكه سنة ست وسبعمائة وحمل قومه على الخلاف. ولما هلك يوسف بن يعقوب وتجافى بنو مرين من بعدها لبني يغمراسن عن جميع الأمصار التي تملّكوها بالمغرب الأوسط، استمكن بنو يغمراسن منها ودفعوا المتغلّبين عنها. ولحق الفلّ من أولاد عبد القوي ببلاد الموحدين، فحلّوا من دولتهم محل الإيثار والتكرمة. وكان للعبّاس بن محمد بن عبد القوي مع الملوك من آل أبي حفص مقام الخلّة والمصافاة إلى أن هلك، وبقي عقبه في جند السلطان. ولما خلا الجوّ من هؤلاء المرشحين تغلّب على جبل وانشريس من بعدهم كبير بني تيغرين أحمد بن محمد من أعقاب يعلى بن محمد سلطان بني يفرن.

فأقام يحيى بن عطية هذا في رياستهم أياما، ثم هلك، وقام بأمره من بعده أخوه عثمان بن عطية. ثم هلك وولي من بعده ابنه عمر بن عثمان، واستقل مع قومه بجبل وانشريس، واستقلّ أولاد عزيز بالمدية ونواحيها ورياستهم ليوسف وعليّ ابني حسن ابن يعقوب، والكل في طاعة أبي حمو سلطان بني عبد الواد لما غلبهم على أمرهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>