للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانتزع الرئاسة من بني عبد القوي [١] أمرائهم إلى أن خرج على السلطان أبي حمو ابن عمه يوسف بن يغمراسن، ولحق بأولاد عزيز فبايعوه وداخلوا في كشانة عمر بن عثمان كبير بني تيغرين وصاحب جبل وانشريس، فأجابهم وأصفق معهم سائر الأعشار ويكوشة [٢] وبنو يرناتن. وزحفوا مع محمد بن يوسف إلى السلطان أبي حمو في عسكره بتهل ففضّوه، وكان من شأن فتنته معهم ما ذكرناه في أخبار بني عبد الواد إلى أن هلك السلطان أبو حمو وولي ابنه أبو تاشفين، فنهض إليهم في العساكر، وكان عمر بن عثمان قد لحقته الغيرة من مخالصة محمد بن يوسف لأولاد عزيز دون قومه، فداخل السلطان أبا تاشفين في الانحراف عنه، فلما نزل بالجبل، ولحق محمد بن يوسف بحصن توكال ليمتنع له، نزع عنه عمر بن عثمان ولحق بأبي تاشفين ودلّه على مكامن الحصن، فدلف إليه أبو تاشفين وأخذ بمخنقه. وافترق عن محمد بن يوسف أولياؤه وأشياعه فتقبّض عليه، وقيد أسيرا إلى السلطان أبي تاشفين فقتل بين يديه قعصا بالرماح سنة تسع عشرة وسبعمائة وبعث برأسه إلى تلمسان، وصلب شلوه بالحصن الّذي امتنع فيه أيام انتزائه. ورجع أمر وانشريس إلى عمر بن عثمان هذا، وحصلت ولايته لأبي تاشفين إلى أن هلك بتلمسان في بعض أيامهم مع بني مرين، أعوام نازلها السلطان أبو الحسن كما ذكرنا في أخبار الحصار.

ثم لما تغلّب بنو مرين على المغرب الأوسط استعمل السلطان أبو الحسن ابنه نصر بن عمر على الجبل، وكان خير وال وفاء بالذمّة والطاعة [٣] وخلوصا في الولاية، وصدقا في الانحياش، وإحسانا للمملكة، وتوفيرا للجباية. ولما كانت نكبة السلطان أبي الحسن بالقيروان، وتطاول الأعياص من زناتة إلى استرجاع ملكهم، انتزى بضواحي المدية من آل عبد القوي عديّ بن يوسف بن زيان بن محمد بن عبد القوي، وناغى الخوارج في دعوتهم، واشتمل عليه بنو عزيز هؤلاء وبنو يرناتن جيرانهم، وزحف إلى جبل وانشريس لينال مع الحشم من يلي أمرهم والمداخلين لعدوّهم في قطع دابرهم، وكبيرهم يومئذ نصر بن عمر بن عثمان. وبايع نصر المسعود ابن أبي زبد بن خالد بن محمد بن عبد القوي من أعقابهم، ثم خلص إليهم من


[١] وفي نسخة ثانية: من بني عبد الواد.
[٢] وفي نسخة ثانية: منكوشة.
[٣] وفي نسخة ثانية: وفاء بأزمّة الطاعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>