للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقذفوا به إلى الجزائر فنزل بها، ولأم صدعه. وخلع على من وصل من فلّ الأساطيل ومن خرج إليه من أوليائه، ولحق به ابنه الناصر من بسكرة، واتصل بالمولى الفضل خبر رحيله من تونس وهو ببلاد الجريد، فأغذ السير إلى تونس، ونزل بها على ابنه ومن كان بها من مخلف أوليائه، فغلبوهم عليها. واتصل أهل البلد بهم وأحاطوا يوم منى بالقصبة. واستنزلوا ابن السلطان أبا الفضل الأمير بالقصبة على الأمان، فخرج إلى بيت أبي الليل بن حمزة، وأنفذ معه من أبلغه إلى مأمنه، فلحق بأبيه بالجزائر وبادر إلى السلطان عليّ بن يوسف المنتزى بالمدية من بني عبد القوي، فصار في جملته، وخرج له عن الأمر، وزعم أنه إنما كان قائما بدعوته، فتقبّل منه وأقرّه على عمله.

ووفد عليه أولياؤه من العرب سويد والحرث والحصين ومن إليهم ممن اجتمع إلى وليه ونزمار بن عريف المتمسّك بطاعته. ووفد عليه أيضا علي بن راشد أمير مغراوة، وأغزاه بني عبد الواد [١] ، واشترط عليه إقراره بوطنه وعمله إذا تمّ أمره، فأبى من قبول الاشتراط ظنّا بعهده عن النكث، فنزع عنه وصار إلى مظاهرة بني عبد الواد عليه. وبعث أبو سعيد عثمان صاحب تلمسان إلى الأمير أبي عنان في المدد، فبعث إليه بعسكر من بني مرين عقد عليهم ليحيى بن رحّو بن تاشفين بن معطي من تيربيغن، وزحف الزعيم أبو ثابت إلى حرب السلطان أبي الحسن فيمن اجتمع له من عسكر بني مرين ومغراوة. وخرج السلطان من الجزائر وعسكر بمتيجة، واحتشد ونزمار سائر العرب بحللهم، ووافاه بهم، وارتحلوا إلى شلف، ولما التقى الجمعان بشدبونة صدقه مغراوة الحملة وصابرهم ابنه الناصر وطعن في الجولة فهلك واختلّ مصاف السلطان واستبيح معسكره، وانتهب فساطيطه، وخلص مع وليّه ونزمار بن عريف وقومه بعد أن استبيحت حللهم، فخرجوا إلى جبل وانشريش، ثم لحقوا بجبل راشد، ورجع القوم عن اتباعهم، وانكفؤا إلى الجزائر فتغلّبوا عليها، وأخرجوا من كان بها من أولياء السلطان ومحوا آثار دعوته من المغرب الأوسط جملة.

والأمر بيد الله يؤتيه من يشاء.


[١] وفي نسخة ثانية: وأغراه ببني عبد الواد.

<<  <  ج: ص:  >  >>