ليلة إجازته من واقعة طريف وافتقاد حظاياه، حتى لحق به الحرم من فاس، فردّها إلى أهلها ونشأ المرغني في توهّم هذه الكفالة، فانتفخ نحره لذلك ويحسبها وصلة إلى أبناء السلطان أبي الحسن، وكان سفيرا بين محمد بن عثمان وابن الأحمر، فأمّل الرئاسة في هذه الدولة، وركب محمد بن عثمان من سبتة إلى طنجة، وقصد مكان اعتقالهم. واستدعى أبا العبّاس أحمد ابن السلطان أبي سالم من مكانه مع الأبناء فبايع له، وحمل الناس على طاعته، واستقدم أهل سبتة بكتاب للبيعة، فقدموا وخاطب أهل الجبل فبايعوا، وأفرج ابن الأحمر عنهم. وبعث إليه محمد بن عثمان بالنزول عن جبل الفتح، وخاطبوا أهله بالرجوع إلى طاعته، فارتحل من مالقة إليه ودخله واستولى عليه، ومحا دعوة بني مرين مما وراء البحر، وأهدى للسلطان أبي العبّاس وأمدّه بعسكر من غزاة الأندلس وحمل إليه مالا للإعانة على أمره.
وكان محمد بن عثمان عند فصوله من فاس، وودّعه الوزير ابن عمّه فاوضه في شأن السلطان، وأن يقدّم للناس إماما يرجعون إليه ويترك له أمرهم، وآمره في ذلك، ولم يفترقا على مبرم من أمرهم. فلمّا ارتكب هذا المرتكب وجاء بهذا الأمر، خاطب الوزير يمّوه عليه بأنه فعل بمقتضى المؤامرة، وأنّه عن إذنه والله أعلم بما دار بينهما، ولجّ الوزير في تكذيبه والبراءة للناس مما رمى به ولاطفه في نقض ذلك الأمر، وردّ أبا العباس إلى مكانه مع الأبناء تحت الحوطة، وأبى محمد بن عثمان من ذلك ودافعه باجتماع الناس عليه وانعقاد الأمر. وبينما الوزير يروم ذلك جاءه الخبر بأنّ محمد بن عثمان أشخص الأبناء المعتقلين كلّهم إلى الأندلس، وأنهم حصلوا في كفالة ابن الأحمر، فوجم وأعرض عن ابن عمّه وسلطانه، ونهض إلى تازى ليفرغ من عدوّه إليهم، فنازل الأمير عبد الرحمن وأخذ بمخنقه، واهتبل محمد بن عثمان الغرّة في ملك المغرب، فوصله مدد السلطان ابن الأحمر وعسكره تحت رايته، عقدها عليهم ليوسف بن سليمان بن عثمان بن أبي العلاء من مشيخة الغزاة المجاهدين، وعسكر آخر من رجل الأندلس الناشبة يناهزون سبعمائة. وبعث ابن الأحمر رسله إلى الأمير عبد الرحمن باتصال اليد بابن عمّه السلطان أبي العبّاس أحمد، ومظاهرته على ملك سلفه بفاس واجتماعهما لمنازلتها، وعقد بينهما الاتفاق والمواصلة وأن يختصّ عبد الرحمن بملك سلفه فتراضيا، وزحف محمد بن عثمان وسلطانه إلى فاس خالفوا إليه