للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوزير وانتهوا إلى قصر ابن عبد الحليم [١] ، وبلغ الخبر إلى الوزير بمكانه من حصار تازى فانفضّ معسكره ورجع إلى فاس ونزل بكدية العرائس.

وانتهى السلطان أبو العباس أحمد إلى زرهون، فصمد إليه الوزير بعساكره، وصمّم نحوه بمكانه من قنّة الجبل، فاختل مصافه وانهزمت ساقة العسكر من ورائه، ورجع على عقبه مفلولا وانتهب المعسكر ودخل إلى البلد الجديد. وجأجأ بالعرب أولاد حسين أن يعسكروا له بالزيتون ظاهر فاس، ويخرج بجموعه إلى حللهم، فنهض إليهم الأمير عبد الرحمن من تازى بمن كان معه من العرب الأحلاف وشرّدهم إلى الصحراء، وشارف السلطان أبا العبّاس أحمد بجموعه العرب وزناتة، وبعثوا إلى وليّ سلفهم ونزمار بن عريف بمكانه من قصر مرادة الّذي اختطّه بملوية فجاءهم وأطلعوه على كامن أسرارهم، فأشار عليهم بالاجتماع والاتفاق فاجتمعوا بوادي النجا. وحضر لعقدهم واتفاقهم وحلفهم على اتصال اليد على عدوّهم ومنازلته بالبلد الجديد حتى يمكن الله منه وارتحلوا بجمعهم إلى كدية العرائس في ذي القعدة من سنة خمس وسبعين وسبعمائة وبرز إليهم الوزير بعساكره فدارت الحرب وحمى الوطيس واشتدّ القتال مليا. ثم زحف إليه العسكران بساقتهما وآلتهما فاختلّ مصافه وانهزمت جيوشه وجموعه وأحيط به، وخلص إلى البلد الجديد بعد غصّ الريق. وأضرب السلطان أبو العبّاس معسكره بكدية العرائس، ونزل الأمير عبد الرحمن بإزائه، وضربوا على البلد الجديد سياجا بالبناء للحصار وأنزلوا بها أنواع القتال والإرهاف.

ووصلهم مدد السلطان ابن الأحمر من رجال الناشبة، واحتكموا في ضياع ابن الخطيب بفاس، فهدموها وعاثوا فيها. ولمّا كان فاتح سنة ست وسبعين وسبعمائة داخل محمد بن عثمان ابن عمه أبا بكر في النزول عن البلد الجديد والبيعة للسلطان، لما كان الحصار قد اشتدّ ويئس من الصريخ، وأعجزه المال فأجاب واشترط عليهم الأمير عبد الرحمن التجافي له في أعمال مراكش، وأن يديلوه بها من سجلماسة فعقدوا له على كره، وطووا على المكر. وخرج الوزير أبو بكر للسلطان أبي العبّاس أحمد، وبايعه واقتضى عهده بالأمان وتخلية سبيله من الوزارة فبذله. ودخل السلطان أبو


[١] وفي نسخة ثانية: عبد الكريم.

<<  <  ج: ص:  >  >>