للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمر به، وأمضى العمل بمقتضاه، وحبسه الأمير أبو عبد الله ابن مولانا أمير المسلمين أبي الحجّاج ابن مولانا أمير المسلمين أبي الوليد بن نصر أيّد الله أمره، وأعزّ نصره، وأعلى ذكره، للوليّ الجليس، الحظيّ المكين، المقرّب الأودّ الابن الفقيه الجليل الصدر الأوحد، الرئيس العالم الفاضل الكامل، الموقع الأمين الأظهر الأرضى، الأخلص الأصفى، أبي زيد عبد الرحمن ابن الشيخ الجليل، الحسيب الأصيل، المرفّع المعظّم، الصدر الأوحد، الأسمى الأفضل الموقّر المبرور أبي يحيى ابن الشيخ الجليل الكبير، الرفيع الماجد، القائد الحظيّ، المعظّم الموقّر، المبرور المرحوم أبي عبد الله بن خلدون. وصله الله أسباب السعادة، وبلّغه من فضله أقصى الإرادة، أعلن بما عنده، أيّده الله من الاعتقاد الجميل في جانبه المرفّع، وإن كان غنيا عن الإعلان، وأعرب عن معرفة مقداره في الحسبان، العلماء الرؤساء الأعيان، وأشاد باتّصال رضاه عن مقاصده البرّة وشيمه الحسان، من لدن وفد على بابه، وفادة العزّ الراسخ البنيان، وأقام المقام الّذي عيّن له رفعة المكان، وإجلال الشان، إلى أن عزم على قصد وطنه، أبلغه الله في ظل الأمن [١] والأمان، وكفالة الرحمن بعد الاغتباط المربي على الخير بالعيان، والتمسّك بجواره بجهد الإمكان، ثم قبول عذره بما جبلت الأنفس عليه من الحنين إلى المعاهد والأوطان. بعد أن لم يدّخر عنه كرامة رفيعة، ولم يحجب عنه وجه صنيعه، فولّاه القيادة والسيادة [٢] وأحلّه جليسا معتمدا بالاستشارة، ثم أصحبه تشييعا يشهد بالضنانة بفراقه، ويجمع له برّ الوجاهة من جميع آفاقه، ويجعله بيده رتيمة خنصر [٣] ووثيقة سامع أو مبصر، فمهما لوى أخدعه إلى هذه البلاد بعد قضاء وطره، وتملّيه من نهمة سفره، أو نزع به حسن العهد وحنين الودّ، فصدر العناية به مشروح، وباب الرضا والقبول مفتوح، وما عهده من الحظوة والبرّ ممنوح. فما كان القصد في مثله من أمجاد الأولياء التحوّل، ولا الاعتقاد الكريم التبدّل، ولا الزمن الأخير أن ينسخ الأوّل. على هذا فليطو ضميره، وليرد ما شاء نميره، ومن وقف عليه من القوّاد والأشياخ والخدّام برا وبحرا على اختلاف الخطط والرتب، وتباين الأحوال والنسب، أن يعرفوا حق


[١] وفي نسخة ثانية: اليمن.
[٢] وفي نسخة ثانية: السفارة.
[٣] رتيمة خنصر: الخيط الّذي يشد في الإصبع لتستذكر به الحاجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>