للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قسنطينة، بعث إليهم من جاء بهم إلى تلمسان. وأمر قائد الأسطول بالمريّة، فسار في إجازتهم في أسطوله، واحتلّوا بالمريّة. واستأذنت السلطان في تلقّيهم، وقدمت بهم على الحضرة بعد أن هيّأت لهم المنزل والبستان ودمنة الفلح، وسائر ضروريات المعاش.

وكتبت الى الوزير ابن الخطيب عند ما قاربت الحضرة، وقد كتبت إليه أستأذنه في القدوم، وما أعتمده في أحواله.

سيّدي، قدمت بالطّير اليمانين، على البلد الأمين، واستضفت الرفّاء إلى البنين، ومتعت بطول السنين. وصلتني البراءة المعرّبة عن كتب اللقاء، ودنوّ المزار، وذهاب البعد، وقرب الديار، وأستفهم سيدي عمّا عندي في القدوم على المخدوم، وأحبّ أن يستقدمني سيدي إلى الباب الكريم [١] في الوقت الّذي يجد المجلس الجمهوري لم يقض حجيجه، ولم يصخ [٢] بهيجه، ويصل الأهل بعده إلى المحل الّذي هيأته السعادة لاستقرارهم، واختاره اليمن قبل اختيارهم والسلام.

ثم لم يلبث الأعداء وأهل السعايات أن حملوا الوزير ابن الخطيب من ملابستي للسلطان، واشتماله عليّ، وحرّكوا له جواد الغيرة فتنكّر. وشممت منه رائحة الانقباض مع استبداده بالدولة، وتحكمّه في سائر أحوالها، وجاءتني كتب السلطان أبي عبد الله صاحب بجاية بأنه استولى عليها في رمضان سنة خمس وستين وسبعمائة واستدعاني إليه، فاستأذنت السلطان ابن الأحمر في الارتحال إليه. وعميت عليه شأن ابن الخطيب إبقاء للمودّة، فارتمض [٣] لذلك، ولم يسعه إلّا الاسعاف، فودّع وزوّد وكتب لي مرسوما بالتشييع من إملاء الوزير ابن الخطيب نصّه:

هذا ظهير كريم، تضمّن تشييعا وترفيعا وإكراما وإعظاما، وكان لعمل الصنيع ختاما، وعلى الّذي أحسن تماما، وأشاد به للمعتمد به بالاغتباط الّذي راق قساما [٤] ، وتوفر إقساما، وأعلق بالقبول أن نوى بعد القوى رجوعا وآثر على الظعن المزمع مقاما.


[١] وفي نسخة ثانية: والحق ان يتقدّم سيدي الى الباب الكريم.
[٢] وفي نسخة ثانية: ولا صوّح بهيجه.
[٣] بمعنى اشتدّ قلقه.
[٤] القسام: الجمال والحسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>