للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرّضا عن آله وأصحابه وعثرته وأحزابه، حماة شرعته البيضاء وحرّاسها، وملقحي غراسها، ليوث الوغى عند احتدام [١] مراسها [٢] ، ورهبان الدّجى تتكفّل مناجاة السّميع العليم، في وحشة الليل البهيم بإيناسها، وتفاوح نسيم الأسحار، عند الاستغفار، بطيب أنفاسها.

والدّعاء لخلافتكم العليّة المستنصريّة بالصّنائع التي تشعشع أيدي العزّة القعساء [٣] من أكواسها، ولا زالت العصمة الإلهية كفيلة باحترامها واحتراسها، وأنباء الفتوح، المؤيّدة بالملائكة والرّوح، ريحان جلّاسها وآيات المفاخر التي ترك الأول للآخر، مكتتبة الأسطار بأطراسها، وميادين الوجود مجالا لجياد جودها وبأسها، والعز والعدل منسوبين لفسطاطها [٤] وقسطاسها، وصفيحة [٥] النّصر العزيز تقبض كفّها، المؤيّدة باللَّه، على رياسها [٦] ، عند اهتياج أضدادها، وشره [٧] أنكاسها [٨] ، لانتهاب البلاد وانتهاسها [٩] وهبوب رياح رياحها وتمرّد مرداسها [١٠] .

فإنا كتبناه إليكم- كتب الله لكم من كتائب نصره أمدادا تذعن أعناق الأنام، لطاعة ملككم المنصور الأعلام، عند إحساسها [١١] ، وآتاكم من آيات العنايات، آية تضرب الصّخرة الصّماء، ممّن عصاها بعصاها، فتبادر بانبجاسها [١٢] ،- من


[١] الاحتدام: شدة الحر، واحتدمت النار: التهبت.
[٢] المراس: الممارس.
[٣] عزة قعساء: ثابتة.
[٤] الفسطاط: المدينة، ومجتمع أهل المصر حول جامعهم.
[٥] الصفيحة: السيف العريض.
[٦] رئاس السيف، ورياسه: مقبضه، وقائمه.
[٧] الشرة: شدة الحرص، وأسوؤه.
[٨] الأنكاس: جمع نكس، وهو الرجل الضعيف.
[٩] انتهس اللحم: أخذه بمقدم أسنانه. والمراد الاستيلاء على الأراضي وانتقاصها من الأطراف، فعل من يتنقص قطعة اللحم بالأكل.
[١٠] رياح من أكثر القبائل الهلالية جمعا، وأوفرهم عددا. وأبوهم: رياح بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر. والرئاسة على رياح في عهد ابن خلدون لأبناء داود بن مرداس بن رياح، وإلى داود هذا تنتسب «الدواودة» .
[١١] الإحساس: الرؤية والعلم.
[١٢] انبجس الماء: تفجر، وفي الكلام معنى الآية:
« ... وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ، فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً ٧: ١٦٠ إلخ» آية ١٦٠ من سورة الأعراف.

<<  <  ج: ص:  >  >>