كتاب تاريخ ابن خلدون

تتمة كتاب الثالث - (فضل الوزير ابن الخطيب [٢] ) - ج: 7 - ص: 623

المعرفة ذو افتقار، أو ناضل بيوم الكديد [١] ، فسهمه غير السديد، انما كان مقاما غير معتاد، ومرعى نفوس لم يف بوصفه لسان مرتاد [٢] وزلزال جبال أوتاد [٣] ، ومتلف [٤] مذخور لسلطان الشيطان وعتاد [٥] ، أعلم [٦] فيه البطل الباسل [٧] ، وتورّد الأبيض الباتر [٨] ، وتأوّد الأسمر [٩] العاسل [١٠] ، ودوّم الجلمد [١١] المتكاسل، وانبعث من حدب [١٢] الحنيّة [١٣] ، إلى هدف الرّميّة [١٤] ، الناشر الناسل [١٥] ، ورويت لمرسلات السّهام المراسل، ثم أفضى أمر الرّماح إلى التّشاجر والارتباك، ونشبت الأسنّة في الدّروع نشب السمك في الشّباك، ثم اختلط المرعيّ بالهمل [١٦] ، وعزل الرّدينيّ عن العمل، وعادت السّيوف من فوق المفارق تيجانا، بعد أن شقّت غدر السّوابغ خلجانا، واتّحدت جداول الدّروع، فصارت بحرا، وكان التّعانق، فلا ترى إلّا نحرا يلازم نحرا، عناق وداع، وموقف شمل ذي انصداع، وإجابة مناد إلى فراق الأبد وداع، واستكشفت مآل الصّبر الأنفس الشّفافة [١٧] ، وهبّت بريح النّصر الطّلائع المبشّرة الهفّافة [١٨] ، ثم أمدّ السّيل ذلك

---

[ () ] انتصفت فيه العرب من العجم» . وتفصيل اخباره، وأسبابه، مذكورة في العقد ٣/ ٣٧٤- ٣٧٨.
[١] كان يوم الكديد لسليم على كنانة، وفيه قتل ربيعة بن مكدم، فارس كنانة. وانظر العقد الفريد ٣/ ٣٢٦.
[٢] المرتاد والرائد: الّذي يتقدم القوم في التماس النجمة واختيار المرعى الحسن.
[٣] أوتاد الأرض: جبالها.
[٤] المتلف: المفازة، والقفر، سمي بذلك لانه يتلف سالكه.
[٥] العتاد: العدة تعدها لأمر ما.
[٦] أعلم الفارس: جعل لنفسه علامة الشجعان، وأعلم نفسه: وسمها بسيما الحرب.
[٧] الباسل: الشجاع.
[٨] تورد: احمر. الأبيض الباتر: السيف القاطع.
[٩] تأود: أعوج وانثنى. الأسمر: الرمح.
[١٠] عسل الرمح: اضطرب واحتز، ورمح عاسل: مضطرب لدن.
[١١] دوم: تحرك ودار. والجلد: الصخر.
[١٢] حدب الحنية: تقوسها وانعطافها.
[١٣] الحنية: القوس، فعيلة بمعنى مفعولة، وأكثر ما تكون حنية عند توتيرها، والرمي بها.
[١٤] الرمية: الطريدة التي يرميها الصائد.
[١٥] الناشر: المهتز. والناسل: المسرع.
[١٦] هو مثل والمرعى: الإبل التي لها راع، والهمل: الضوال من النعم لا راعي لها.
[١٧] أنفس شفافة: فاضلة.
[١٨] الهفافة: السريعة المرور في هبوبها.