للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترميهم منها بكلّ مدجّج ... شاكي السلاح إذا استعار الأعزل

وبكل أسمر غصنه متأوّد ... وبكل أبيض شطّه متهدّل

حتى تفرّق ذلك الجمع الألى ... عصفت بهم ريح الجلاء فزلزلوا

ثم استملتهم بنعمتك [١] التي ... خضعوا لعزّك بعدها وتذلّلوا

ونزعت من أهل الجريد غواية ... وقطعت من أسبابها ما أوصلوا

خرّبت من بنيانها ما شيّدوا ... وقطعت من أسبابها ما أصّلوا

ونظمت من أمصاره وثغوره ... للملك عقدا بالفتوح يفصّل

فسددت مطّلع النفاق وأنت لا ... تنبو ظباك ولا العزيمة تنكل

بشكيمة مرهوبة وسياسة ... تجري كما يجري فرات سلسل

عذب الزمان لها ولذّ مذاقه ... من بعد ما قد مرّ منه الحنظل

فضوى الأنام لعزّ أروع مالك ... سهل الخليقة ما جد متفضّل

وتطابقت فيه القلوب على الرضا ... سيّان منها الطفل والمتكهّل

يا مالكا وسع الزمان وأهله ... عدلا وأمنا فوق ما قد أمّلوا

فالأرض لا يخشى بها غول ولا ... يعدو بساحتها الهزبر المشبل

والسّرب يجتابون كل تنوفة ... سرب القطا ما راعهنّ الأجدل [٢]

سبحان من بعلاك قد أحيا المنى ... وأعاد حليّ الجيد وهو معطّل

سبحان من بهداك أوضح للورى ... قصد السبيل فأبصر المتأمّل

فكأنّما الدنيا عروس تجتلى ... فتميس في حلل الجمال وترفل

وكأنّ مطبقة البلاد بعدله ... عادت فسيحا ليس فيها مجهل

وكأنّ أنوار الكواكب ضوعفت ... من نور غرّته التي هي أجمل

وكأنّما رفع الحجاب لناظر ... فرأى الحقيقة في الّذي يتخيّل

ومنها في العذر عن مدحه:

مولاي غاضت فكرتي وتبلّدت ... مني الطّباع فكلّ شيء مشكل

تسمو إلى درك الحقائق همّتي ... فأصد عن إدراكهنّ وأعزل


[١] وفي نسخة ثانية: بأنعمك التي.
[٢] وفي نسخة ثانية: والسّفر، وتنوفة: القفر من الأرض دون ماء. والأجدل: الأشقر.

<<  <  ج: ص:  >  >>